السبت، 14 ديسمبر 2013

عشرون سبب لرفض دستور الخمسين



الدكتور مصطفى النجار

20 سبب لرفض الدستور

=============

كنت واحدا من المصريين الذين شاركوا فى ثورة 25 يناير فى صفوفها الاولى وكذلك شاركت فى 30 يونيو مع ملايين المصريين الذين كانوا يطمحون فى حياة أفضل ولكن أصبحت الأن فى موقف المعارض للسلطة الحالية بعد تعثر مسار التحول الديموقراطى والكوارث والانتكاسات التى ضربت الفترة الانتقالية عبر سلسلة ممارسات مشينة تحاول إعادة إحياء الدولة القمعية وزرع الخوف فى قلوب الناس للسيطرة عليهم بأوهام  وأكاذيب وتحت تأثير إعلام مضلل يزيف الحقائق ، وانتظرت حتى خروج المسودة النهائية للجنة الخمسين وكنت أتمنى أن أجد فيها ما يجعلنى أصوت ب ( نعم ) ولكن فوجئت بمنتج مسخ يكرر أخطاء دستور الاخوان الذى قلت له ( لا ) ويضيف عليه خطايا أخرى لم أستطع أن أخون مبادئى ولا قناعاتى وأوافق عليها وسط حالة الترويج الفج الذى بدأ من قبل انتهاء المسودة أصلا لتمرير هذا الدستور الكارثى ، واحتراما لنفسى وتقديرا لمن يثقون فى شخصى رأيت أن من الواجب أن أفصل أسباب رفضى للناس بشكل موضوعى وأترك لكل شخص أن يكون اختياره طبقا لقناعته وضميره دون مزايدة من المؤيدين أو الرافضين وأوجزها فى النقاط التالية :




أولا : إهدار مبدأ مدنية الدولة

أهدرت مسودة الدستور مبدأ مدنية الدولة بالكامل بالوقوع فى خطيئتين هما تديين الدولة وعسكرة الدولة من خلال مواد أُطلق عليها " مواد الهوية ومواد المؤسسة العسكرية " وطبقا لمسودة الدستور فالأحزاب الدينية موجودة ولن يستطيع أحد حلها طبقا لمواد الدستور بل واستخدام الشعارات الدينية أيضا لن يمكن منعه لأن منعه يعنى التصادم مع مواد الدستور أما المادة 74 التى تمنع قيام أحزاب سياسية على أساس دينى فلم تُضف جديدا لأنها لن تعتبر الحزب دينيا إلا إذا قصر عضويته على أبناء دين واحد فقط وهذا غير موجود فى أى حزب بمصر لذلك فالحديث عن أن الدستور يؤسس لمدنية الدولة هو خداع وتضليل للرأى العام.

ثانيا : تقييد الحرية الدينية للمصريين

مادة 64 : حيث تم تمييز معتنقى بعض الديانات فقط وكفالة حقوق بعضهم وإهدار حقوق من لا ينتمون إلى هذه الأديان ورغم وضع عبارة  (حرية الاعتقاد مطلقة) إلا أن بقية المواد الخاصة بالحريات الدينية فرغت العبارة من مضمونها. ويجب التذكيرأن حرية الاعتقاد لها وجوه خمسة لا تكتمل إلا بها مجتمعة :

الأول هو حق اعتناق أى دين أو مذهب سماوى أو أرضى أو عدم الاعتقاد أساسا بأى عقائد والثانى حق إقامة شعائر هذا الاعتقاد بما قد يلزمه من بناء دور عبادة والثالث حق الدعوة إلى هذا الاعتقاد والتبشير به والرابع حق الترك والتغيير لهذا الاعتقاد والخامس كفالة الدولة لأى مواطن أيا كان اعتقاده الدينى وعدم انتقاص أى من حقوقه بسبب اعتقاده الدينى.

.

ثالثا : تقييد حرية المصريين بإقرار الحبس الاحتياطى

وبدلا من أن تقوم المادة 54 بإلغاء الحبس الاحتياطى الذى تتجه كل الدول الديموقراطية لإلغائه تقوم بإقراراه وإحالته للقانون ومعلوم للجميع مدى الظلم الذى يسببه الحبس الاحتياطى فى قضايا مختلفة يدفع بها كثير من الأبرياء ثمنا فادحا بسببه حيث أنه من الممكن أن يتم حبس مواطن عدة سنوات احتياطيا وفى النهاية قد يحصل على براءة.



رابعا : إهدار حق اللجوء الإنسانى إلى مصر

مادة 91 : حصرت حق اللجوء للنشطاء الحقوقيين والسياسيين المضطهدين فى بلادهم أما عموم المستضعفين من المواطنين النازحين فلا حق لهم



خامسا : إفساد الحياة التشريعية

المادة 102: تتيح لرئيس الجمهورية تعيين 5% من أعضاء البرلمان فى سابقة تمثل تجاوزا صارخا يفسد الحياة البرلمانية ويخلق كتلة برلمانية كبيرة تعبر عن رئيس الجمهورية رأس السلطة التنفيذية الذى يجب أن يراقبه ويحاسبه هذا البرلمان. وبالتوازى مع مواد نظام الحكم،

سيعين رئيس الجمهورية ما لا يقل عن 22 عضوا أو أكثر فى حالة زيادة عدد الأعضاء عن  450 عضو، وهى كتلة برلمانية لا يستهان بها قد تؤثر فى الائتلافات البرلمانية أو فى ترجيح التصويت بصفة عامة، وقد وجدنا فى انتخابات سابقة أحزابا سياسية كبيرة لم تتمكن من الحصول على هذا العدد.

كما أنه قد تثور شبهة تعارض مصالح إذا أراد الرئيس الترشح لفترة رئاسية ثانية فيطلب تزكية ال 20 عضوا الذين عينهم ليتمكن من الترشح(دون الحاجة لأن يجمع 25 ألف توقيع من المواطنين فى المحافظات) أو إذا كان الرئيس فى فترته الثانية فيطلب منهم إعطاء التزكية لمرشح معين فى مقابل أن يتم تعيينهم مرة أخرى بمجلس النواب حال فوزه.



سادسا : مادة نقاء العنصر وإقرار التمييز

المادة 141 : تحرم مصر من قامات مصرية كبرى عملت بالخارج أو ولدت بالخارج وحملت جنسية أخرى لبعض الوقت - ككثير من علماء مصر - مثل الدكتور أحمد زويل وغيره، حيث تنزع هذه المادة الوطنية عنهم وتمنع كفاءات كبرى من حقها فى تولى المسئولية. الانصاف يقتضى أن كل من يحمل جنسية مصرية من حقه الترشح شرط التنازل عن الجنسية الأخرى وإذا كانت جنسية مستحدثة من ناحية الأم يشترط مرورعدة سنوات فقط لحصوله على هذا الحق كما هو الوضع فى الولايات المتحدة وغيرها من الدول.



سابعا : عدم التوازن بين صلاحيات الرئيس والبرلمان



المادة 137: فى  حالة رفض الشعب حل البرلمان فإنه لا يترتب على ذلك استقالة الرئيس رغم أن المادة 161 اعتبرت مجلس النواب منحلا إذا اقترح المجلس سحب الثقة من رئيس الجمهورية ولم يوافق الشعب على ذلك فى الاستفتاء، فالرئيس يقترح حل البرلمان دون خطورة على منصبه، أما مجلس النواب فإن اقتراحه سحب الثقة من الرئيس يعرضه للحل فى حالة رفض الشعب، الأمر الذى لا يحقق التوازن المطلوب بين سلطة الرئيس وسلطة مجلس النواب



ثامنا : اختيار رئيس الوزراء وتهديد البرلمان بالحل



المادة146: أعطت رئيس الجمهورية الحق فى تشكيل الحكومة ولو كانت من حزب الأقلية فإذا لم يمنحها مجلس النواب الثقة فإن الحزب أو الائتلاف الحاصل على الأغلبية يقترح اسم رئيس مجلس وزراء آخر يكلفه الرئيس بتشكيل الحكومة وهنا أصبح البرلمان ملزما بالموافقة على ما سيفعله رئيس الوزراء الذى اقترحه مهما كانت اختياراته للحكومة سيئة ومهما انحرف بسلطته فى تشكيلها وإلا يتم حل مجلس النواب فورا ودون استفتاء شعبى، بالإضافة إلى أنه فى جميع الأحوال تظل للرئيس سلطة اختيار الوزارات السيادية (الدفاع والداخلية والخارجية والعدل)



تاسعا : طعن استقلال القضاء

المادة 146 : تم إضافة وزارة العدل ضمن وزارات السيادة وهذا يضرب استقلال القضاء فى مقتل لأنه إذا كانت هناك نية لتحقيق استقلال حقيقى للقضاء فلا يمكن أن تصبح وزارة سيادية تتحكم فيها أهواء الرئيس



عاشرا : إطلاق يد الرئيس وحزبه فى فرض الطوارئ



المادة 154 المتعلقة بفرض حالة الطوارئ، بعد أن استلزمت عرض القرار على مجلس النواب خلال أسبوع وموافقة أغلبية الأعضاء على ذلك، جعلت أقصى مدة لها ثلاث أشهر ولا تمتد إلا لثلاث أشهر أخرى وبموافقة ثلثى مجلس النواب، وهذا لا يمنع من إعادة فرض حالة الطوارئ مرة أخرى إذا كان الرئيس يضمن الأغلبية فى المجلس، ومن مدها مرة أخرى إذا كان يضمن أغلبية الثلثين، وقد كانت ضمانة الاستفتاء الشعبى التى تم حذفها أقوى من اشتراط أغلبية الثلثين لصعوبة التحايل عليها.

الحادى عشر : تكريس تفتيت السلطة القضائية



المادة 185: تنص على أن "تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها..."  وفى هذا تكريس لتفتيت السلطة القضائية فى الدستور واستخدام مصطلحات ليس لها مدلول. فلا مبرر للتفرقة بين الجهة والهيئة لأنه بذلك تصبح السلطة القضائية وكأنها مكونة مما يشبه الدويلات المنعزلة. وتمت الاستجابة إلى مطالب كل جهة وهيئة فى إضافة اختصاصاتها فى صلب الدستور دون إجراء إصلاحات حقيقية تؤدى إلى قيام سلطة قضائية متماسكة كما هو الواقع فى باقى الديمقراطيات.

الثانى عشر : الانتقاص من سلطة المحاكم الأخرى لصالح الدستورية



المادة 192: تنص على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين، واللوائح، وتفسير النصوص التشريعية..."

وهذا النص منقول من دستور 1971 ولكن تم نقله بصورة خاطئة، فكان نص المادة 175 كما يلي: " تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص التشريعية..".

مما يعني أن المحكمة الدستورية تتولى دون غيرها الرقابة الدستورية، إلا أنها تشترك مع غيرها من المحاكم فى تفسير النصوص التشريعية، وذلك بسبب تكرار كلمة " تتولى " أما بعد حذف هذا التكرار فى التعديل الأخير فقد أصبحت المحكمة الدستورية دون غيرها تتولى تفسير النصوص التشريعية، وهذا أمر مستحيل عمليا، إذ من المعلوم أن الوظيفة الأساسية للقضاء هو تفسير النصوص التشريعية عند تطبيقها، وهو ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا، وليس من المعقول أن تطلب جميع المحاكم من المحكمة الدستورية تفسير كافة النصوص التشريعية عند التطبيق لأنها الآن أصبحت مختصة بذلك دون غيرها.

الثالث عشر : جعل البرلمان المنتخب فى حالة تهديد دائم بالحل من قبل الدستورية



إلغاء الرقابة السابقة على القوانين المتعلقة بالمجالس المنتخبة يؤدى إلى عدم استقرار هذه المجالس، ورغم اقتراح  لجنة العشرة بألا يترتب أثر الحكم بعدم  الدستورية على البرلمان المنتخب القائم وعمل تعديل فقط يصلح العوار الذى تسبب فى عدم الدستورية إلا أنه تم إلغاء هذا النص المهم للغاية لندخل مرة أخرى فى مأساة تضييع أصوات الملايين من المصريين وتكبيد الدولة مصاريف باهظة لإعادة الانتخابات وفتح جبهة الصراع بين السلطة القضائية والتشريعية مرة أخرى.



الرابع عشر : دسترة المحاكمات العسكرية للمدنيين والتوسع فيها

المادة 204 : أضافت أبعاد جديدة لدسترة المحاكمات العسكرية بحيث توسع تعريف الجرائم العسكرية التى قد تصل لأى مواطن يتعامل مع أى شخص أو جهة أو مكان تابع للقوات المسلحة.

الخامس عشر : هدم مبادئ الديموقراطية بتحصين وزير الدفاع واستقلال المؤسسة العسكرية عن الدولة



المادة 234 الخاصة بتعيين وزير الدفاع

تتعارض تماما مع المبادئ الديمقراطية ولا يوجد شبيه لهذه المادة فى أشد الدول تخلفا وديكتاتورية، حيث سيصبح الموقع الوظيفى والدستورى لوزير الدفاع  المعين أقوى وأكثر استقرارا من الرئيس المنتخب. وبالرغم أن وزير الدفاع هو جزء من السلطة التنفيذية التى يرأسها رئيس الجمهورية بنص المادة 139 إلا أن الأخير لا يمكنه تغيير وزير الدفاع دون قبول المجلس الأعلى للقوات المسلحة مثل باقى الوزراء مهما خرج الوزير عن السياسة العامة للدولة أو المؤسسة العسكرية.





السادس عشر : دسترة انفصال الجيش عن الدولة وعدم ضبط العلاقات المدنية العسكرية

المادة 203 : تجعل العسكريين أغلبية تتجاوز الأقلية المدنية المنتخبة فى تحديد قرارات تمس الأمن القومى والتعامل معها ليس من منظور عسكرى فقط بل سياسى أيضا، كما تجعل متابعة البرلمان والأجهزة الرقابية للموازنة العسكرية ضعيفة أو منعدمة تحت دعوى الحفاظ على الأمن القومى رغم أن كل الديموقراطيات تحافظ على الأمن القومى مع إخضاع كل المؤسسات بلا استثناء لرقابة الدولة وبرلمانها المنتخب وأجهزتها الرقابية.



السابع عشر :إهدار حقوق الشهداء والإصرار على إفلات المجرمين

المادة 241 : لم تتطرق أساسا لمنظومة العدالة الانتقالية رغم أنها كانت من أساسيات خارطة الطريق وبدلا من التصدى لهذا الملف الأساسى فى دستور أى دولة تمر بفترة انتقالية تم تجاهل الملف وإلقاء المسئولية على البرلمان القادم الذى قد تكون أغلبيته من النظام السابق أو الأسبق وبالتالى لن يخرج قانون من هؤلاء يحاسبون به أنفسهم وإذا تمخض الخيال عن قانون فسيكون قانون يقنن العدالة الانتقائية أو الانتقامية طبقا لخريطة البرلمان وانتماءات أغلبيته مما يعنى ضياع حقوق الشهداء والقصاص العادل بين هؤلاء وأولئك.



الثامن عشر : مصادرة حق التظاهر وتقييده

المادة 73 : تتحدث عن حق مطلق ومطاطى للتظاهر السلمى دون أن تحدد ملامحه وتحيله للقانون دون أن تضع أى معايير لحماية حق التظاهر حتى لا يتحول القانون إلى أداة لمنع التظاهر وشرعنة قتل المتظاهرين ورغم كل الظروف التى تمر بها البلاد تساهلت اللجنة فى توفير ضمانات لحماية حق التظاهر وتركته لقانون قد تتنازعه الأهواء مثل القانون الحالى، وتحايلت اللجنة على حماية حق أساسى لتجعل الحقوق والحريات مجرد وجهات نظر.



التاسع عشر : فتح باب الفساد لأسرة الرئيس واستغلال نفوذه

المواد 145 و 166: تسمح لزوجة وأبناء رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بالتعامل مع أموال الدولة وفتح فرص للفساد والمحسوبية فأى جهة بالدولة تلك التى سترفض عطاء أو عرض مقدم من أحد أفراد أسرة الرئيس أو رئيس الوزراء ورأينا فى النظام الأسبق كيف تسببت هذه المشكلة فى كوارث ونهب للدولة ولثرواتها.



العشرون : تبعية الأجهزة الرقابية للرئيس وحزبه

المادة 216 : تمنح رئيس الجمهورية سلطة تعيين رؤساء الأجهزة الرقابية التى  من المفترض أنها تتولى الرقابة على أعماله هو شخصيا فكيف نضمن ولاء من يعينهم؟!

==============



هذه عشرين نقطة كونت قناعتى بالتصويت بلا للدستور وأشكر المستشار أحمد ابو شوشة الذى استفدت كثيرا من ملاحظاته القانونية حول الدستور



وهنا يطرح سؤال يدور حوله النقاش هل نذهب للتصويت بلا فى الدستور أم نقاطع الاستفتاء ، من يرون خيار المقاطعة  3 اتجاهات الأول هم جماعة الاخوان وأنصارهم الذين يرون ان المشاركة ستعطى شرعية للسلطة الحالية ويعتقدون ان عدم مشاركتهم تنزع الشرعية عن النظام ، الاتجاه الثانى : من قرر المقاطعة لشكوك لديه ومخاوف من تزوير النتائج ، الاتجاه الثالث : فقد الأمل فى العملية السياسية بأكملها وأصابه اليأس وقرر ألا يقف فى أى طوابير اقتراع مرة أخرى

فى اعتقادى أن مقاطعة الاستفتاء على الدستور غير مجدية وأن مسألة نزع الشرعية بالمقاطعة وهمية لأن هناك شرعية قائمة وستترسخ عقب الانتهاء من التصويت على الدستور حيث سيغلق ملف صراع الشرعيات الذى بدأ عقب 30 يونيو وسواء كان اجمالى المشاركين فى التصويت عدة ملايين أو عشرات الملايين فهذا لن يغير من الواقع النهائى وسيتم اقرار الدستور بأى عدد  كبر أو صغر من المشاركين

أما الخوف من التزوير فمن المعروف أن ارتفاع نسبة المشاركة تضمن عدم التزوير ، أما عن اليائسين فأقول لهم أن المعركة لبناء دولة ديموقراطية ستحتاج الى وقت طويل لا يمكن ان يصيبنا الملل عقب بضعة جولات وحق الاجيال القادمة علينا أن نظل نناضل ونبذل جهدنا من أجل تحقيق أهداف الثورة

أما من يرون ان النتيجة محسومة بالموافقة على الدستور لأن الناس لم تتعود على أن تقول لا فى الاستفتاءات فقد يكون هذا كلاما صحيحا وواقعا فعليا ولكن هناك فارق كبير بين ان تمر الموافقة على الدستور بأغلبية ساحقة تتجاوز ال 90 % وبين دستور يمر ب 70 % أو 60% حيث أن الفائدة التى ستعود على الوطن من هذا هو وجود تعدد للاراء وتوازن بين وجهات النظر بحيث لا يصبح الوطن لونا واحدا

لكن فى النهاية وقبل مراجعة كل الأراء المؤيدة والمعارضة هناك مبادىء أساسية لا يجب أن تغيب عن أى شخص



أولا : وجود مادة واحدة فى الدستور تقنن الظلم وتعادى الديمقراطية سبب كاف لرفض هذا الدستور ولو كانت به مواد أخرى جيدة والحديث عن الحلول الوسط وضرورة المرونة هو تبرير لما احتواه هذا الدستور من سقطات



ثانيا : الحقوق والحريات ليست وجهات نظر، والضمائر الحية تأبى أن تتحمل عاقبة ظلم محتمل لإنسان واحد

بإقرارها استثناءات ستصبح هى الأصلو ليس من حق أحد أن يأخذ قراراً بإقرار ظلم هو يعرف يقيناً أنه ظلم



ثالثا : الديموقراطية لا تقبل التفصيل على مقاس حزب أو شخص وعلينا رفض أى ديموقراطية منقوصة ومشوهة



رابعا : التدليس على الناس بأن المواد المرفوضة يمكن تعديلها من خلال البرلمان كذب وتحايل وتناقض لأن هؤلاء المبررين اذا كانوا على قناعة بضرورة تعديل هذه المواد فلماذا لا يعدلونها الان ؟



خامسا : هناك دماء سالت على أرض الوطن من أجل دستور يليق بمصروبلا مزايدة لو سألنا أى شهيد هل ستوافق على دستور يقر الظلم ويتصادم مع الديموقراطية ستكون اجابته استنكارا وغضبا ممن يروج لذلك وحتى اذا كان بعض المحسوبين على الثورة يرون أنه لا بد من الركوع للظروف الحالية ومسايرة الأمواج المرتفعة فهؤلاء ينطبق عليهم القول المأثور ( إذا عجزتم عن قول الحق فلا تصفقوا للباطل )



سادسا : من العار أن نذهب ونقول  (نعم) لما قلنا له ( لا ) فى دستور الاخوان ومن يتورط فى ذلك فهو بلا مبدأ وكأنه قال ( لا ) لمجرد أن الاخوان خصومنا هما من كتبوا الدستور السابق ، من لديه اتساقا مع ذاته ومبادئه لن يقع فى هذا التناقض

سابعا : الدساتير لا تُكتب تحت تأثير مخاوف مؤقتة تدفع ثمنها الأجيال القادمة وما ستوافق عليه اليوم كاستثناء سيصبح غدا هو الأصل وستتحمل لعنات أبناءك وأحفادك الذين سيدفعون ثمن خوفك فى لحظة ما



وأخيرا لكل إنسان الحق فى اختياراته ولا يمكن إجبار شخص على تبنى وجهة نظر معينة ولكن يفرض علينا الضمير أن نوضح للناس ما قد يكون خفيا عنهم ونترك لهم حق الاختيار ، واذا ما مرت الأيام وانقشع الغمام سيدرك الناس ولو متأخرين من قال لهم الحق ومن دلس عليهم ، ابرىء ذمتى أمام الله وأمام الناس وحفظ الله مصر من كل سوء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق