الجمعة، 6 ديسمبر 2013

مانديلا..الزعيم التاريخي الذي أبهر العالم



الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا
الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا
تقرير – محمود طلعت
في الخامس من ديسمبر 2013 غيّب الموت الزعيم الجنوب افريقي نيلسون روليهلاهلا مانديلا، بعد رحلة كفاح طويلة، قاد خلالها حركة تحرير بلاده من العنصرية والفقر وعدم المساواة، ليصبح رمزًا لحركات التحرر الوطني في القارة الإفريقية والعالم .. مانديلا والذي أمضى 27 عاما في السجن تحول من سجنه الطويل، رغم إرادة كل قوى الاستعمار، الى رمز للتحرر ومحاربة العنصرية والتمييز ورمزا عالميا للحرية ثم للمصالحة منذ ان خرج من سجون نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا في 11 شباط/فبراير 1990.



نشأته (1918 – 1936)

ولد مانديلا في 18 يوليو 1918 في قرية مفيتزو بمقاطعة أوماتاتا، بإقليم ترانسكاي في جنوب أفريقيا، وسمي «روليهلاهلا»، ويعني «نازع الأغصان من الشجر» أو بالعامية “المشاكس”، وفي السنوات اللاحقة أصبح يعرف باسم عشيرته، ماديبا.

مانديلا، سنة 1937
مانديلا، سنة 1937
في سنواته الأولى، هيمنت على حياته «العادات والطقوس والمحرمات» .. شب مانديلا مع اثنين من أخواته في مسكن والدته وكان يرعى قطعان الماشية صبي ويمضي معظم الوقت في الخارج مع أولاد آخرين.

كان والداه أميين، ولكن والدته التي اعتنقت المسيحية أرسلته إلى المدرسة الميثودية المحلية وهو بعمر سبعة سنين، وعندما كان مانديلا في التاسعة من عمره، قدم أبوه للعيش معهم في كونو، حيث توفي بمرض يعتقد مانديلا أنه من أمراض الرئة.

أخذته والدته إلى «المكان العظيم» قصر في مكيكزوبي، حيث كان يتردد على الكنيسة كل يوم حتى أصبحت للمسيحية مكانة خاصة في حياته، وبعدها التحق بمدرسة البعثة الميثودية الواقعة بجانب القصر، حيث درس اللغة الإنجليزية و كوسا  والتاريخ والجغرافيا فأحب التاريخ الأفريقي، من خلال استماعه إلى حكايات الزوار المسنين إلى القصر، وتأثر بالخطاب المعادي للإمبريالية، وفي وقتها كان يعتبر المستعمرين الأوروبيين محسنين، وليسوا ظالمين.

عند بلوغه سن السادسة عشرة، سافر مع العديد من الأولاد الآخرين إلى تايهالارها للخضوع لطقوس الختان وهو رمز لانتقالهم من الطفولة إلى الرجولة، وبعد اتمام الطقوس، سمي بـ داليبهونغا


دراسته (1936-1940)

بدأ مانديلا دراسته الثانوية في معهد كلاركبري وهي مؤسسة على النمط الغربي وأكبر مدرسة للأفارقة السود في تيمبولاند، وشجع الاختلاط القائم بين الطلبة على قدم المساواة، وغيّر طبيعته “المنغلقة”، حيث بنى صداقة مميزة مع فتاة لأول مرة.

بدأ مانديلا التحضير لليسانس الفنون وهي درجة في جامعة فورت هير، جامعة النخبة السوداء بحوالي 150 طالبا في أليس، في الكاب الشرقية، وهناك درس اللغة الإنجليزية والأنثروبولوجيا والسياسة والإدارة المحلية والقانون الهولندي الروماني في سنته الأولى، رغبة منه ليصبح مترجما أو كاتبا في وزارة الشؤون المحلية.

بقي مانديلا في مهجع ويسلي هاوس، الى أن أصبح عضوا في جمعية الطلبة المسيحيين، وقدم فصولا في الكتاب المقدس للمجتمع المحلي، وصار مناصرا صريحا لجهود الحرب البريطانية عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، وكان لديه أصدقاء متصلين بالمؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) والحركة المناهضة للإمبريالية، ولكن مانديلا تجنب التورط فيها.


وصوله إلى جوهانسبورغ (1941-1943)
قدم مانديلا إلى الناشط في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، حيث نجح في الحصول على وظيفة كاتب تحت التمرين في مكتب كان يديرها يهودي ليبرالي متعاطف مع قضية حزب المؤتمر الوطني الأفريقي.

تزايد نشاطه السياسي بشكل واضح، ففي أغسطس 1943 سار مانديلا لدعم مقاطعة ناجحة للحافلات احتجاجا على ارتفاع أجرة، وواصل تعليمه العالي، وسجل في جامعة جنوب أفريقيا بالمراسلة، والعمل على الليسانس في الليل.

بعد اجتيازه لامتحانات الليسانس في أوائل عام 1943، عاد مانديلا إلى جوهانسبرغ لمتابعة مساره السياسي كمحام بدلا من كاتب تحت التمرين في مكتب بتيمبولاند.


حياته العائلية
تزوج مانديلا ثلاث مرات، وأنجب ستة أطفال، وله 17 حفيدا، وعدد متزايد من أبناء الأحفاد.

زواج مانديلا الأول كان مع إيفلين نتوكو ماس، والتي كانت هي أيضا من ترانسكاي، التقيا في جوهانسبرغ قبل أن يتزوجا في أكتوبر 1944. انتهى هذا الزواج في عام 1957 بعد 13 سنة، ومن أسباب الطلاق الزنا والغياب المستمر والتفاني في العمل الثوري، وهو ما يتنافى مع كونها عضو في شهود يهوه، الدين الذي يتطلب حيادا سياسيا.

نيلسون مانديلا وزوجته ويني مانديلا عند خروجه من سجن فيكتور فيرستر، 11 فبراير 1990
نيلسون مانديلا وزوجته ويني مانديلا
زوجة مانديلا الثانية، ويني ماديكيزيلا مانديلا، أيضا من منطقة ترانسكاي، والتقيا أيضا في جوهانسبرغ، حيث كانت ويني أول أخصائية اجتماعية سوداء في المدينة، وانتهى زواجهما بالانفصال في أبريل 1992

في عام 1995، عرض مانديلا الزواج على أمينة كشاليا مناهضة للفصل العنصري وناشطة حقوق المرأة، رفضت العرض بقولها “أنا مرأة وحيدة وقد فقدت مؤخرا زوجي الذي كنت أقدره كثيرا” .

تزوج مانديلا في عيد ميلاده 80 في عام 1998، بغراسا ماشيل (الإسم عند الولادة: سيمبين)، أرملة سامورا ماشيل، رئيس الموزمبيق وحليف حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي قتل في حادث تحطم طائرة قبل ذلك بـ 12 عاما.


النشاط الثوري لمانديلا

دراسة القانون ورابطة شبيبة المؤتمر (1943-1949)
عند بدئه لدراسات القانون في جامعة ويتواترسراند، كان مانديلا الأفريقي الأصل الوحيد في الكلية، فواجه العنصرية، وصادق الليبراليين والشيوعيين والأوروبيين واليهود والطلاب الهنود، وعند انضمامه لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، أمضى الكثير من الوقت مع ناشطين في أورلاندو، من بينهم صديقه القديم أوليفر تامبو.

في عام 1943، التقى مانديلا بالقومي الأفريقي أنطون لمبدي، وهو معارض بشدة للجبهة العرقية المتحدة ضد الاستعمار والإمبريالية أو التحالف مع الشيوعيين. وعلى الرغم من صداقاته مع غير السود والشيوعيين، إلا أن مانديلا دعم آراء «لمبدي»، معتقدا بأنه يجب على الأفارقة السود أن يكون مستقلين تماما في كفاحهم من أجل تقرير المصير السياسي.

ظهرت الحاجة إلى جناح شباني لتعبئة شاملة للأفارقة في المعارضة، فكان مانديلا ضمن وفد زار رئيس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ألفرد بيتيني كسوما، حول هذا الموضوع في منزله في صوفياتاون. وفي يوم الأحد الموافق لعيد الفصح من عام 1944، تأسست رابطة الشبيبة للمؤتمر الوطني الإفريقي بمركز البانتو الاجتماعي الرجالي في شارع إلوف، مع لمبدي رئيسا ومانديلا عضوا في اللجنة التنفيذية.

مانديلا
مانديلا
التقى مانديلا بايفلين ماس، وهي ناشطة من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وممرضة من ترانسكاي. تزوجا في 5 أكتوبر 1944 وولد طفلهما الأول، ماديبا ثيمبكايل في فبراير 1946، ورزقا بنت اسمها مكازيوي في عام 1947، ولكنها ماتت بعد تسعة أشهر بالتهاب السحايا.

في انتخابات جنوب أفريقيا لعام 1948، والتي يصوت فيها فقط البيض، هيمن على السلطة حزب الأفريكاني تحت رئاسة دانيال مالان فرانسوا، والذي اتحد بعد فترة قصيرة مع حزب الأفريكاني لتشكيل الحزب الوطني. هذا الحزب، ذي النزعة العنصرية العلنية، قنن ووسع بتشريعات جديدة للفصل العنصري. باكتسابه لتأثيرا أكثر في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي.

بدأ مانديلا وكوادره بدعوة لعمل مباشر ضد نظام الفصل العنصري مثل المقاطعات والإضرابات، متأثرين بوسائل وتكتيكات الجالية الهندية في جنوب أفريقيا، وبسبب تخصيص الكثير من وقته للسياسة، فقد فشل مانديلا في سنته النهائية في يتواترسراند ثلاث مرات، وحرم في نهاية المطاف من نيل الشهادة في ديسمبر عام 1949.


حملة التحدي ورئاسة فرع حزب المؤتمر في ترانسفال (1950-1954)

أخذ مانديلا مكان كسوما في رئاسة الهيئة التنفيذية لحزب المؤتمر الوطني في مارس 1950. في ذلك الشهر، عقدت اتفاقية للدفاع عن حرية التعبير في جوهانسبرغ، جمعت بين نشطاء الأفارقة والهنود والشيوعيين للدعوة إلى إضراب عام ضد نظام الفصل العنصري. عارض مانديلا الإضراب لأنه لم يكن بقيادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، ولكن مجموعة كبيرة من العمال السود شاركوا فيه. النتيجة كانت زيادة في القمع البوليسي وإدراج «قانون قمع الشيوعية، 1950» والذي مس أعمال كل المجموعات المحتجة.

رسم على الحائط لصورة مانديلا
رسم على الحائط لصورة مانديلا
في عام 1950، انتخب مانديلا رئيسا لـ ANCYL، في المؤتمر الوطني للحزب في ديسمبر 1951، واصل التحجج ضد الجبهة المتحدة ضد العنصرية ولكنه خسر في الانتخابات، وبعد ذلك، غير نظرته بأكملها، وأقر بنهج الجبهة، وبدعم الاتحاد السوفييتي لحروب التحرير الوطنية، وبهذا يكون مانديلا قد كسر نظرته السيئة للشيوعية أيضا.

 في 22 يونيو، ألقى مانديلا خطابا أمام حشد من 10 ألاف شخص، شكل انطلاقة لحملة الاحتجاجات، فالقي عليه القبض بسببها واعتقل لفترة وجيزة في سجن ساحة مارشال، وبتزايد الاحتجاجات، نما عدد المنتسبين لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي وردت الحكومة على الاحتجاجات بالاعتقالات الجماعية وإصدار قانون السلامة العامة في 1953 للسماح بتطبيق الأحكام العرفية.

في 30 يوليو 1952، اعتقل مانديلا تحت عنوان قانون قمع الشيوعية ووقف أمام المحاكمة رفقة 21 متهما، وحكم عليهم بتهمة “الشيوعية النظامية” بعقوبة «الأشغال الشاقة لتسعة أشهر» معلقة لمدة عامين.

في ديسمبر، حظر على مانديلا، لمدة ستة أشهر، حضور الاجتماعات أو التحدث مع أكثر من شخص في وقت واحد، مما يجعل رئاسته لـ ANU في ترانسفال غير عملية. وتلاشت حملة الاحتجاجات.


مؤتمر الشعب ومحاكمة الخيانة (1955-1961)

وصل مانديلا إلى تصور حول حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يقضي بأنه “لا بديل عن مقاومة مسلحة وعنيفة” بعد أن شارك في الاحتجاج الفاشل لمنع هدم ضاحية السود في صوفياتاون جوهانسبرغ في فبراير 1955، وطلب أسلحة من جمهورية الصين الشعبية، ولكن الحكومة الصينية اعتقدت بأن الحركة غير مستعدة لخوض حرب عصابات ضد نظام الفصل العنصري.

في مارس 1956، تلقى إعلانا بحظر ثالث خص الظهور العام، حيث تم حصره على جوهانسبرج لمدة خمس سنوات، ولكنه كان يتحداه في أحيان عدة، وتحطم زواجه عندما أقدمت إيفلين على مغادرة البيت مع أبنائهم للعيش مع شقيقها. وشرعت في إجراءات الطلاق في مايو 1956، مدعية أن مانديلا كان يسيء لها جسديا، الأمر الذي نفاه مانديلا، واشتد الصراع بينهم حول حضانة الأطفال.

أثناء إجراءات الطلاق، نشأت علاقة بينه وبين الأخصائية الاجتماعية، ويني ماديكيزيلا، وتزوجا في 14 يونيو 1958 في بيزانا. وأصبحت ويني، في وقت لاحق، مشاركة في أنشطة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وقضت عدة أسابيع في السجن.

صورة لمانديلا عام 1960
صورة لمانديلا عام 1960
في 5 ديسمبر 1956، اعتقل مانديلا إلى جانب معظم المجلس التنفيذي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي بتهمة «الخيانة العظمى» للدولة، واحتجز في سجن جوهانسبرغ وسط احتجاجات واسعة، وخضع للتحقيق الابتدائي في 19 ديسمبر، قبل تحديد مدة سجنه، وفي 29 مارس 1961، وبعد محاكمة دامت ست سنوات، نطق القضاة بحكم البراءة، ما شكل إحراجا للحكومة.


اومكونتو وي سيزوي والجولة الأفريقية (1961-1962)

سافر مانديلا في البلاد متخفيا ومتنكرا كسائق، لتنظيم وهيكلة خلية جديدة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي والإعداد لإضراب «البقاء في البيت» الشامل طوال يوم 29 مايو، وعقدت لقاءات سرية لمانديلا مع الصحفيين، وبعد فشل الحكومة في تفادي الإضراب، حذرهم من أن العديد من النشطاء المناهضين للفصل العنصري سيلجؤون قريبا للعنف.

شارك مانديلا في تأسيس «اومكونتو وي سيزوي» “رمح الأمة” مع سيسولو والشيوعي جو سلوفو في عام 1961، واصبح مانديلا رئيسا لجماعة مسلحة، والذي كان أغلب أعضاءها الأوائل من الشيوعيين البيض.

وافق حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على إرسال مانديلا، في فبراير 1962، مندوبا إلى اجتماع «حركة الحرية الأفريقية في شرق ووسط وجنوب أفريقيا» في أديس أبابا، وسافر متخفيا، والتقى مانديلا بالامبراطور هيلا سيلاسي الأول.

بعدذلك سافر إلى القاهرة حيث أعجب بالإصلاحات السياسية للرئيس جمال عبد الناصر، ثم ذهب إلى مدينة تونس، حيث التقى بالرئيس الحبيب بورقيبة وتسلم منه 5،000 جنيه استرليني للأسلحة. انتقل بعدها إلى المغرب ومالي وغينيا وسيراليون وليبيريا والسنغال، وتلقى أموالا من الرئيس الليبيري وليام توبمان والرئيس الغيني أحمد سيكو توري

وسافر بعدها إلى إنجلترا، حيث التقى بنشطاء مناهضين للفصل العنصري، وصحفيين وسياسيين يساريين بارزين، وعاد إلى إثيوبيا، وبدأ دورة تدريبية لمدة ستة أشهر حول حرب العصابات، ولكنه استدعي بعد شهرين فقط إلى جنوب أفريقيا.


الاعتقالات

في 5 أغسطس 1962، اعتقلت الشرطة مانديلا، وسجن في سجن مارشال سكوار بجوهانسبرج، تم توجيه له تهم التحريض على الإضرابات العمالية ومغادرة البلاد بدون إذن، ومثل مانديلا نفسه بنفسه واتخذ سلوفو كمستشار قانوني، وسعى لاستخدام المحاكمة كعرض «لنصال حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الأخلاقي ضد العنصرية»، في حين تظاهر أنصاره خارج المحكمة، واعتبرت المحكمة مانديلا مذنبا، وحكمت عليه بالسجن لخمس سنوات.

زنزانة مانديلا وساحة في سجن جزيرة روبين
مانديلا داخل السجن
في 11 يوليو 1963، اتهم مانديلا ورفاقه بالتخريب والتآمر للإطاحة بالحكومة باستعمال العنف، واعترف مانديلا والمتهمون الآخرون بتهمة التخريب ولكنهم نفوا أي موافقة على اشعال حرب عصابات ضد الحكومة، واستخدموا المحاكمة لتسليط الضوء على قضيتهم السياسية،

جلبت المحاكمة الاهتمام الدولي، مع دعوات دولية لإطلاق سراح المتهمين صدرت من مؤسسات مثل الأمم المتحدة ومجلس السلم العالمي. صوتت جامعة اتحاد لندن على مانديلا رئيسا لها، ونظمت وقفات احتجاجية ليلية أمام كاتدرائية سانت بول في لندن، ومع ذلك، تجاهلت حكومة جنوب أفريقيا جميع طلبات الرأفة، معتبرة بأن المتهمين هم محرضين شيوعين عنيفين.

وفي 12 يونيو 1964، أعتبر القاضي دي ويت كل من مانديلا واثنين من المتهمين مذنبين في التهم الأربع، وحكم عليهم بالسجن مدى الحياة بدلا من الإعدام.


جزيرة روبن (1962-1982)

نقل مانديلا وزملائه المتهمون من بريتوريا إلى سجن في جزيرة روبن آيلاند، حيث بقوا هناك لمدة 18 سنة، حيث سجن مانديلا في زنزانة رطبة بمقاس 8 أقدام في 7 أقدام، بها حصيرة من القش للنوم عليها، ولم يسلم من المضايقات الجسدية واللفظية من العديد من حراس السجن البيض.

وكان سجناء محاكمة ريفونيا يقضون يومهم في كسر الصخور في المحاجر، حتى نقل في يناير 1965 إلى العمل في محجر الجير. في البداية، منع على مانديلا على ارتداء النظارات، ما تسبب في أضرار دائمة في بصره بسبب الجير.

شارك السجناء السياسيون في الإضرابات عن العمل وعن الطعام والتي اعتبرها مانديلا لاحقا بغير الفعالة إلى حد كبير لتحسين أوضاع السجون، ونظر إليها كصورة مصغرة من النضال ضد الفصل العنصري.

ورغم مسيحيته وحضوره لقداس الأحد، إلا مانديلا درس الإسلام ودرس اللغة الأفريكانية أيضا، رغبة منه في بناء احترام متبادل مع السجانين وكسبهم في صالح قضيته، وبحلول عام 1975، اصبح مانديلا ضمن الفئة (A) من السجناء، فسمح له بعدد أكبر من الزيارات والرسائل وتراسل مع نشطاء مناهضين للفصل العنصري

زنزانة مانديلا وساحة في سجن جزيرة روبين
زنزانة مانديلا وساحة في سجن جزيرة روبين
تجدد الاهتمام الدولي بمحنته في يوليو عام 1978 عندما احتفل بعيد ميلاده الستين، وحصل على دكتوراه فخرية في ليسوتو، وجائزة جواهر لال نهرو للتفاهم الدولي في الهند في عام 1979 وجائزة الحرية لمدينة غلاسكو أسكتلندية في عام 1981.

في مارس 1980، رفع الصحفي Percy Qoboza شعار “الحرية لمانديلا”، ما أثار حملة دولية دفعت مجلس الأمن الدولي إلى الدعوة لإطلاق سراحه، وعلى الرغم من تزايد الضغوط الخارجية، رفضت الحكومة الرضوخ مستندة على قوة تحالفاتها الخارجية، في ظل الحرب الباردة، بالرئيس الأمريكي رونالد ريغان ورئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر، وكانت تاتشر تنظر لمانديلا على أنه شيوعي وإرهابي وأيدت إزالة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي.

سجن بولسمور (1982-1988)
في أبريل 1982، تم نقل مانديلا إلى سجن بولسمور (Pollsmoor) في توكاي، كيب تاون مع كبار قادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي كـ والتر سيسولو وأندرو ملانجني واحمد كثرادا وريمون مهلابا ؛ وأعربوا عن اعتقادهم بأن الهدف من عزلهم هو القضاء على تأثيرهم في النشطاء الأصغر سنا.

وجود العلاقات الجيدة مع الضابط الآمر ببولسمور، العميد مونرو، سمح لمانديلا بإنشاء حديقة على السطح، والقراءة بنهم والتراسل على نطاق واسع، فسمح له الآن بـ 52 رسالة في السنة، وتم تعيينه رئيس للجبهة الديمقراطية المتحدة متعددة الأعراق والتي تأسست لمحاربة الإصلاحات التي أقدم عليها رئيس جنوب أفريقيا الأسبق بوتا، وكانت حكومة بوتا من الحزب الوطني قد سمحت للمواطنين الملونين والهنود بانتخاب برلماناتهم التي سيكون لها السيطرة على التعليم والصحة والإسكان، ولكن الأفارقة السود استبعدوا من هذا النظام، فرأى فيه مانديلا وكذا جبهة UDF على أنه محاولة لتقسيم الحركة المناهضة للفصل العنصري على أسس عرقية.

تصاعدت أعمال العنف في أنحاء البلاد، وازدادت المخاوف من حرب أهلية. وتحت ضغط من اللوبي الدولي، توقفت البنوك متعددة الجنسيات عن الاستثمار في جنوب أفريقيا، مما أدى إلى ركود اقتصادي، وطالب العديد من البنوك وتاتشر من بوتا باطلاق سراح مانديلا – المشهور عالميا – لنزع فتيل الوضع المتفجر.

احتجاج في برلين للمطالبة بـ"الحرية لمانديلا" سنة 1986
احتجاج في برلين للمطالبة بـ”الحرية لمانديلا” سنة 1986
ورغم اعتباره لمانديلا بأنه ماركسي متشدد وخطر،إلا أن بوتا عرض عليه في فبراير 1985 الإفراج من السجن بشرط «التخلي عن العنف كسلاح سياسي دون قيد». رفض مانديلا العرض، وأصدر بيانا عبر ابنته زندزي افتتحه بقوله “ما حرية المعروضة عليا في حين أن منظمة الشعب [ANC] لا تزال محظورة؟ فقط الأحرار يمكنهم التفاوض. سوى الرجال الأحرار. لا يمكن للسجين أن يتدخل في عقود. ”

جذبت مناسبة عيد ميلاد مانديلا 70 في يوليو 1988 الاهتمام الدولي، فنظمت هيئة الإذاعة البريطانية احتفالا موسيقيا بعيد ميلاد نيلسون مانديلا الـ 70 في استاد ويمبلي بلندن، وقدم عالميا كشخصية بطلة.


سجن فيكتور فيرستر ثم الإفراج (1988-1990)

تعافى مانديلا من مرض السل الذي أصيب به جراء الشروط الصحية المتدهورة لزنزانته، وفي ديسمبر 1988، نقل مانديلا إلى سجن فيكتور فيرستر بالقرب من بارل، هناك وجد راحة نسبية في منزل الحراس مع طباخ شخصي، واستغل الوقت للتحضير لشهادة ليسانس الحقوق وسمح للكثير بزيارته، أجرى مانديلا من خلالها اتصالات سرية مع زعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي المنفي أوليفر تامبو.

في عام 1989، عانى بوتا من جلطة دماغية، فتنحى عن زعامة الحزب الوطني لصالح المحافظ ف.و. دي كليرك، واستبقى رئاسة الدولة. في خطوة مفاجئة، دعا بوتا مانديلا إلى جلسة شاي في يوليو عام 1989، اعتبر مانديلا الدعوة برائعة، وبعد ستة أسابيع انتقلت رئاسة الدولة من بوتا إلى دي كليرك. اعتقد الرئيس الجديد بأن نظام الفصل العنصري غير قابل للاستمرار، فأطلق سراح جميع سجناء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي دون قيد أو شرط باستثناء مانديلا.

وبعد سقوط جدار برلين في نوفمبر 1989، دعا دي كليرك مكتبه للاجتماع ومناقشة تقنين حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وتحرير مانديلا. كان البعض معارضين بشدة لخططه، التقى دي كليرك مع مانديلا في ديسمبر لمناقشة الوضع، اللقاء اعتبره الطرفان بالودي، قبل الإفراج عن مانديلا دون قيد أو شرط وإضفاء الشرعية على كل الأحزاب السياسية المحظورة سابقا في 2 فبراير 1990.

ترك مانديلا سجن فيكتور فيرستر في 11 فبراير 1990، وقابل الحشود التي اجتمعت والصحافة وهو ممسك بيد زوجته ويني، وقد بث الحدث على الهواء مباشرة إلى جميع أنحاء العالم وانتقل إلى مقر بلدية كيب تاون وسط الحشود، حيث ألقى خطابا أعلن فيه عن التزامه بالسلام والمصالحة مع الأقلية البيضاء،


رئاسة جنوب أفريقيا (1994-1999)
تم تنصيب مانديلا في بريتوريا في 10 مايو 1994، وتابع المراسيم عبر نقل تلفزي مليار مشاهد حول العالم، وحضر هذا الحدث 4000 ضيف، من بينهم قادة العالم من خلفيات متباينة، كأول رئيس أسود لجنوب أفريقيا، أصبح مانديلا رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية التي هيمن عليها حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ولم تكن له أي تجربة في الحكم .

نيلسون مانديلا يؤدي اليمين الدستورية 10 مايو 1994 رئيسا لجنوب افريقيا
نيلسون مانديلا يؤدي اليمين الدستورية 10 مايو 1994 رئيسا لجنوب افريقيا
انتقل مانديلا إلى مكتب الرئاسة في كيب تاون، وفي سن 76، واجه مشاكل صحية مختلفة، ورغم ذلك استمر في عرض نشاطه، كما شعر بالعزلة والوحدة.

غالبا ما كان يتصل بالمشاهير : مثل مايكل جاكسون وووبي غولدبرغ وفريق سبايس جيرلز، كما صداق عدد من رجال الأعمال الأغنياء جدا، مثل هاري أوبنهايمر، وكذا ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية التي كانت لها زيارة دولة في مارس 1995 إلى جنوب أفريقيا، ما أدى لانتقادات قوية من أعضاء من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي مناهضين للرأسمالية.

ورغم محيطه الفخم، عاش مانديلا ببساطة، وتبرع بثلث دخله السنوي المقدر بـ 552 ألف لصندوق نيلسون مانديلا للأطفال، الذي أسسه في عام 1995، كما تحدث علنا لصالح حرية الصحافة وصادق العديد من الصحفيين، وكان مانديلا ينتقد الكثير من وسائل الإعلام في البلاد، مشيرا إلى أن أغلبيتها الساحقة يملكها ويديرها البيض من الطبقة المتوسطة واعتقد بأنها تركزت كثيرا على إثارة الذعر حول الجريمة.


المصالحة الوطنية
ترأس مانديلا الانتقال من حكم الأقلية بنظام الفصل العنصري إلى الديمقراطية متعددة الثقافات، ورأى في المصالحة الوطنية بأنها المهمة الأساسية في فترة رئاسته، وبعد أن شاهد كيف تضررت الاقتصادات الأفريقية في مرحلة ما بعد الاستعمارية برحيل النخب البيضاء، عمل مانديلا على طمأنة السكان البيض في جنوب أفريقيا بأنهم ممثلون في «أمة قوس قزح».

خففت جهود مانديلا في المصالحة من مخاوف البيض، ووجهت أيضا الانتقادات للسود المتشددين، وأشرف مانديلا على تشكيل «لجنة الحقيقة والمصالحة» للتحقيق في الجرائم التي ارتكبت في ظل نظام الفصل العنصري من جانب كل من الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي.


البرامج المحلية

تحت رئاسة مانديلا، ارتفع الانفاق على الرعاية الاجتماعية بنسبة 13٪ في الفترة 1996-1997، و 13٪ في 1997-1998، و 7٪ في 1998-1999، وأدخلت الحكومة التكافؤ في المنح للمجتمعات، بما في ذلك منح الإعاقة والمنح خدمة الطفل ومعاشات الشيخوخة، التي كانت سابقا بمستويات متفاوتة تختلف باختلاف الجماعات العرقية في جنوب أفريقيا.

نلسون مانديلا والبابا يوحنا بولس الثاني . 16 سبتمبر 1995 في بيت الضيافة الرئاسي في بريتوريا
نلسون مانديلا والبابا يوحنا بولس الثاني . 16 سبتمبر 1995 في بيت الضيافة الرئاسي في بريتوريا
في عام 1994، تم تقديم الرعاية الصحية المجانية للأطفال دون سن ست سنوات وللنساء الحوامل، تم تمديد التغطية لتشمل جميع الذين يستخدمون المستوى الأول من خدمات القطاع العام للرعاية الصحية في عام 1996.
وبحلول انتخابات 1999، أمكن لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي أن يتباهى بسياساته، حيث تم ربط 3 ملايين شخص بخطوط الهاتف والتحق 1.5 مليون طفل بنظام التعليم، وتم تشييد أو ترقية 500 عيادات وتوصيل من 2 مليون شخص بشبكة الكهرباء وإيصال المياه إلى 3 ملايين شخص، وتشييد 750 منزل وإسكان ما يقرب من 3 ملايين شخص.

تلقى مانديلا انتقادات لفشله في مكافحة الجريمة بما فيه الكفاية، حيث بجنوب أفريقيا احد أعلى معدلات الجريمة في العالم، وكان هذا أحد الأسباب الرئيسية التي ذكرها 750 أبيض هاجر في أواخر تسعينيات القرن العشرين.


الشؤون الخارجية

شجع مانديلا الأمم الأخرى على حل النزاعات عن طريق الدبلوماسية والمصالحة واهتم كثيرا بقضايا القارة، وفي عام 1996، عين رئيسا للجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي وبدأ في مفاوضات غير ناجحة لانهاء حرب الكونغو الأولى في زائير.

في أول عملية عسكرية في مرحلة ما بعد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، أمر مانديلا القوات في ليسوتو في سبتمبر 1998 بحماية حكومة رئيس الوزراء باكبليتا موسيسيلي بعد انتخابات متنازع عليها ودفعت المعارضة لانتفاضات.

في سبتمبر 1998، عين مانديلا أمينا عاما لحركة عدم الانحياز، التي عقدت مؤتمرا سنويا لها في ديربان. فاستغل هذا الحدث لانتقاد “ضيق وشوفينية المصالح” الحكومة الإسرائيلية والمماطلة في المفاوضات من أجل انهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما حث الهند وباكستان على التفاوض لإنهاء الصراع في كشمير، الأمر الذي جلب له انتقاد كل من إسرائيل والهند .

2 سبتمبر 1998. رئيس جنوب افريقيا نيلسون مانديلا يحيي الزعيم الكوبي فيدل كاسترو
2 سبتمبر 1998. رئيس جنوب افريقيا نيلسون مانديلا يحيي الزعيم الكوبي فيدل كاسترو
أثار مانديلا الجدل بعلاقته الوثيقة مع الرئيس الأندونيسي سوهارتو، الذي كان حكمه مسؤولا عن انتهاكات جماعية لحقوق الإنسان، وكان قد حثه سرا بالانسحاب من احتلال تيمور الشرقية.

واجه مانديلا انتقادات مماثلة من الغرب للصداقات الشخصية التي ربطته مع فيدل كاسترو ومعمر القذافي.

زار كاسترو في عام 1998 وحظي بإشادة شعبية واسعة، في حين سلم مانديلا للقذافي عندما لقيه في ليبيا «وسام الرجاء الصالح»، وعندما انتقدت الحكومات الغربية ووسائل الإعلام هذه الزيارات، رد مانديلا بأن هذه الانتقادات تخفي نغمة عنصرية.

أمل مانديلا في حل وسط للجدل طويل الأمد بين ليبيا والولايات المتحدة وبريطانيا وذلك بجلب للمحاكمة ليبيين اثنين، هما عبد الباسط المقرحي وامين خليفة فحيمة، الذان كانا متهمين في نوفمبر عام 1991، بتخريب طائرة بان آم الرحلة 103. اقترح مانديلا اجراء المحاكمة في بلد ثالث، الأمر الذي لقي قبول جميع الأطراف؛ وانعقدت المحاكمة في كامب زيست في هولندا في أبريل 1999 يحكمها القانون الإسكتلندي، وانتهت إلى أن أحد المتهمين هو مذنب.

في عام 2003 عارض خطة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لشن الحرب على العراق، واصفا إياها بـ “المأساة” موبخا الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير لتقويضهم الأمم المتحدة. أدى الأمر إلى جدل دولي، ولكن وفي وقت لاحق عادت علاقته مع بلير


الوسيط من أجل السلام في بوروندي
لعب نيلسون مانديلا دور الوسيط في بوروندي في فبراير 2000، حيث حل محل الرئيس التنزاني جوليوس نيريري، الذي توفي قبل ذلك بقليل، وبدأ التفاوض في 1998. كانت الحرب الأهلية والإبادة الجماعية في بوروندي قد حصدت عشرات الآلاف من القتلى وهجرت مئات الآلاف من اللاجئين. وتم توقيع اتفاقيات السلام في أغسطس 2000، ولكن بعد ذلك رفض مانديلا الوساطة في كوسوفو وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية متعذرا بتقدم سنه الذي لا يسمح له بإجراء مثل هذه المفاوضات المرهقة جدا.


المعارضة لحرب العراق وجورج بوش الإبن

في نوفمبر 2001، قدم نيلسون مانديلا تعازيه في أعقاب هجمات 11 سبتمبر ودعم العمليات في أفغانستان، وفي يوليو 2002، منحه الرئيس جورج دبليو بوش «وسام الحرية الرئاسي»، واصفا إياه بـ«رجل الدولة الأكثر احتراما في عصرنا»، ولكن في يناير 2003، في كلمة ألقاها أمام «المنتدى الدولي للمرأة»، عارض مانديلا بشدة هجوم الولايات المتحدة وحلفائها على العراق، والذي أدى لاحقا إلى احتلال العراق من دون موافقة الأمم المتحدة، واتهم الرئيس جورج دبليو بوش برغبته في إغراق العالم في هولوكوست، كما اتهمه أيضا بالغطرسة وغياب الرؤية والذكاء.

مانديلا مع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون
مانديلا مع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون
اتهم نيلسون مانديلا بوش بالذهاب إلى العراق من أجل النفط فقط، ولمح إلى أن سياسة جورج دبليو بوش وتوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، تجاهلت توصيات الأمين العام كوفي عنان لها بدوافع عنصرية، وهاجم الولايات المتحدة على انتهاكاتها السابقة لحقوق الإنسان وإلقاء القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناغازاكي خلال الحرب العالمية الثانية.


الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

في عام 1990، واجه مخاوف من المجتمع اليهودي الأمريكي، وكان نيلسون مانديلا قد دافع بالفعل عن علاقته مع ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية، الذين دعموا تاريخيا دائما حزب المؤتمر الأفريقي. وقال أن منظمته في نفس صف منظمة التحرير الفلسطينية لأنهما تحاربان من أجل تقرير المصير ولكن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لم يشكك أبدا في حق دولة إسرائيل في الوجود، ولكن خارج الأراضي المحتلة.

في عام 1999، وخلال زيارة إلى إسرائيل وقطاع غزة، طلب نيلسون مانديلا من إسرائيل الانسحاب من الأراضي المحتلة ومن الدول العربية أيضا أن تعترف بحق إسرائيل في الوجود ضمن حدود آمنة. وقال مانديلا انه “جاءت هذه الزيارة لشفاء الجروح القديمة الناجمة عن علاقة إسرائيل بنظام الفصل العنصري السابق في جنوب أفريقيا”.


مجلس حكماء العالم
في 18 يوليو 2007، وبمبادرة من الملياردير ريتشارد برانسون والموسيقي بيتر غابرييل، نظم نيلسون مانديلا و غراسا ماشيل وديزموند توتو في جوهانسبرج اجتماعا لزعماء العالم المؤثرين الذين يريدون المساهمة بخبراتهم وحكمتهم في حل المشاكل الأكثر أهمية في العالم. وأعلن نيلسون مانديلا عن تشكيل مجلس (حكماء العالم) في كلمة له خلال عيد ميلاده التاسع والثمانين.

وأوضح مانديلا : «يمكن لهذه المجموعة التحدث بحرية وجرأة، والعمل علنا أ​​و بشكل غير رسمي على جميع أنواع التدابير التي ينبغي اتخاذها. سنعمل على دعم الشجاعة حيث يشيع الخوف، وتشجيع التفاوض حيث يدور صراع، وإعطاء الأمل حيث ينتشر اليأس».


مانديلا يعلن تقاعده
في يونيو 2004، في عمر يزيد عن 85 وبصحة متدهورة، أعلن مانديلا انه “يتقاعد من التقاعد” وينسحب من الحياة العامة، ومستدركا “لا تدعوني، فأنا من سيدعوكم”، واستمر بلقاء الأصدقاء المقربين والعائلة، وردت المؤسسة دعوات له بالظهور في المناسبات العامة ورفضت معظم طلبات المقابلات الصحفية.

استمر في المشاركة في بعض الشؤون الدولية، وشجع رئيس زيمبابوي روبرت موغابي على الاستقالة بسبب تزايد انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد.


تدهور الحالة الصحية لمانديلا

في فبراير 2011، أدخل المستشفى لفترة وجيزة بسبب عدوى أصابت الجهاز التنفسي، جذب ذلك اهتماما دوليا قبل إعادته للمستشفى بسبب إصابة في الرئة وإزالة حصوة في ديسمبر 2012، وبعد إجراء طبي ناجح في أوائل شهر مارس عام 2013، تكررت إصابة رئته، واستضيف في مستشفى بريتوريا لفترة وجيزة.

مانديلا أثناء حفل عيد ميلاده 90 في جوهنزبرغ مايو 2008
مانديلا أثناء حفل عيد ميلاده 90 في جوهنزبرغ مايو 2008
يوم 8 يونيو 2013، تفاقمت إصابة رئته، وأعيد إلى مستشفى بريتوريا في حالة خطيرة، وبعد أربعة أيام، أعلن أن حالته “خطرة، ولكن مستقرة”.

في 22 يونيو 2013، ذكرت شبكة سي بي اس نيوز انه لم يفتح عينيه لعدة أيام، من دون أية استجابة، وكانت الأسرة تناقش فقط كم يجب أن يستمر التدخل الطبي، وفي 23 يونيو 2013، أصدر الرئيس جاكوب زوما بيانا قال فيه بأن حالة مانديلا أصبحت “حرجة”.


الجوائز والأوسمة التي حصل عليها مانديلا

في عام 2004، منحت جوهانسبرج مانديلا «حرية المدينة»، وأعيد تسمية ساحة مركز تسوق ساندتون باسم «ساحة نلسون مانديلا»، ونصب تمثال لمانديلا فيها.

في عام 2008، ازيح الستار عن تمثال آخر لمانديلا في مركز Groot Drakenstein الإصلاحي، سجن فيكتور فيرستر سابقا، بالقرب من كيب تاون، يقف في المكان الذي أطلق سراح مانديلا من السجن.

في عام 1993، حصل على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع دي كليرك، وفي نوفمبر 2009، رسمت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم عيد ميلاد مانديلا، الموافق لـ 18 فبراير، كـ “يوم مانديلا”، تكريما له لمساهمته في النضال ضد الفصل العنصري.

حاز أيضا على ميدالية الحرية لرئاسة الولايات المتحدة،  ووسام كندا، وكان أول شخص حي يمنح المواطنة الكندية الفخرية وآخر من يتلقى جائزة لينين للسلام من الاتحاد السوفياتي.

 في عام 1990 حصل على جائزة بهارات راتنا من حكومة الهند، وفي عام 1992 حصل على جائزة أتاتورك للسلام من تركيا لكنه رفض الجائزة، مبررا ذلك بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها تركيا في ذلك الوقت، كما منحته الملكة اليزابيث الثانية بيليف الصليب الكبير من وسام القديس جون ووسام الاستحقاق.

هناك تعليق واحد: