المخابرات.. جهاز لا غني عنه في أي دولة في العالم.. فهو له دور رئيسي في الحفاظ علي الأمن القومي لأي بلد ووأد وإفساد المخططات الخارجية الهدامة.. لكن للأسف هناك دول تسيء استخدامه. وتجعل منه أداة للتخريب والاغتيالات في الدول الأخري.
وكان لجهاز المخابرات المصري أدوار هامة في إفساد عمليات الجاسوسية من جانب اسرائيل بل انه استطاع أن يهزم المخابرات المركزية الأمريكية ال "سي أي ايه" في الستينيات وكشف عمليات تجسس له بالقاهرة. >>>>
هذا الجهاز حفل تاريخه بالصفحات المضيئة أهمها إلقاء القبض علي اثنين من أمهر عملاء ال "سي أي ايه" هما "جون زايفر" وكان يعمل مع يواكيم فيكتور رئيس شبكة التجسس لحساب المخابرات المركزية الأمريكية. والقضية الأخري كانت قضية بورس تايلور.
جهاز المخابرات المصرية في الستينيات نجح أيضا في حماية مصر من أعداء آخرين بخلاف أمريكا فقد تم القبض علي مصطفي اغا رئيس الحزب الشيوعي العربي والذي كان يعد لانقلاب علي الحكم لصالح جمهورية الصين الشعبية.
واستطاع جهاز المخابرات المصري بمجهوده الخاص أن يبحث عن المعدات الفنية التي مكنته من تحقيق أهدافه و التغلب علي مشاكلة وكانت اسرائيل هما شاغلا لهذا الجهاز منذ تأسيسه وأحبط العديد من عملياتها والتي أصبحت فيما بعد تدرس في معهد المخابرات الدولية. ومن أشهر تلك العمليات وأهمها عملية "لوتز" الذي قبض عليه عام .1965
وكان لوتز من أهم عملاء اسرائيل لدرجة انها فاوضت بعد عام 1967 علي استبداله ببعض الأسري.. ولوتز كان مكلفا بارسال طرود ناسفة للعلماء الألمان في القاهرة لإرهابهم.. فأرسل بالفعل طردا مفخخا للعالم بيلز عام 1962 وانفجر في وجه سكرتيرته.. وكان لوتز أيضا مكلفا بجمع معلومات سياسية واقتصادية وعسكرية عن مصر تحت ستار عمله كمدرب للخيول و استطاع الدخول لسلاح الفرسان في الجيش.. ومن ناحيته استطاع جهاز المخابرات الوصول لبيت لوتز واكتشف جهاز الارسال الذي كان مخفيا في ميزان الحمام الذي و جد في دولاب الملابس الخاص به. ليتم اكتشاف أكبر عملاء اسرائيل في القاهرة.
ومن العمليات التي كشفها جهاز المخابرات المصرية في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عملية موريس جود الجاسوس الهولندي المحترف و الذي كلف بعمل اختراق داخل القوات المسلحة المصرية. كذلك عملية جروبي حيث قامت المخابرات الاسرائيلية باستقطاب أحد موظفي جروبي الذي كان مسئولا عن حفلات الرئيس عبدالناصر وكلف بأن يدس السم للرئيس عبدالناصر وضيوفه. الأمر الذي كشفه جهاز مخابرات الرئيس.. وتم إحباط الخطة.
جهاز المخابرات المصري اكتشف أيضا في أواخر الخمسينيات خطة اسرائيلية لاغتيال كمال الدين حسين وعبداللطيف بغدادي أثناء خلافاتهما مع الرئيس عبدالناصر. مما يعطي إيحاء بإدانة الرئيس في هذه العمليات.. لكن يبدو أن اسرائيل علمت بوصول معلومات عن خطة الاغتيالات هذه للمخابرات المصرية فعدلت عن تنفيذها.
دور بناء
وما يشهد أيضا بكفاءة جهاز المخابرات المصرية ويبرز دوره البناء في حماية الوطن العربي ما جعله من أفضل أجهزة المخابرات كفاءة في العالم فقد تنبأت تقاريره منذ وقت مبكر جدا بانسحاب بريطانيا من اليمن حتي قبل أن تعلن بريطانيا عن نواياها هذه وكسب الجهاز أيضا نقاطا هامة في صراع مصر مع أعدائها الأساسيين والاسهام في معركة التحرير الكبري.
فجهاز المخابرات المصري هو الذي أخذ علي عاتقه ارسال شحنات الأسلحة للمجاهدين في الجزائر وكذلك تدريبهم علي استعمال هذه الأسلحة رغم خطورة هذه المهمة التي كانت تضع هذا الجهاز في مواجهة دولة بحجم فرنسا.
جهاز المخابرات المصري أيضا هو الذي قام بكشف لغز الطرود المتفجرة و التي كانت ترد من ألمانيا لأحد مصانعنا الحربية و استطاعت اسرائيل من خلال عملائها بألمانيا ارسال الطرود الناسفة.. نفس الأمر في عملية ارسال خطابات متفجرة لمكتب بريد المعادي.
الشيء الطريف أن جهاز المخابرات المصرية كان له دور اقتصادي لا يذكره أحد من أعدائه أو حتي من أنصاره. ففي إحدي المرات كانت مصر تستورد القمح من سوريا وكان القمح السوري لا يصلح لصناعة الخبز في مصر وكان محل شكوي العديد من المصريين و علم جهاز المخابرات بهذه الأزمة وعلم أن شحنة قمح استرالي في طريقها لايطاليا واستطاع باتصالاته مع دول العالم أن يبادل الصفقتين ليصل القمح السوري اللين الأصلح لصناعة المكرونة لايطاليا ويصل لنا القمح الاسترالي.
بعد مرور 55 عاما. كشف جهاز المخابرات الاسرائيلي عن وثيقة يعترف بها أمام ضباطه بالفشل في فضيحة "عملية لافون" التي نجحت وقتها المخابرات المصرية في كشف شبكة التخريب السرية التي قامت بها الاستخبارات الاسرائيلية بمساعدة يهود مصر.
وفي هذا الخصوص تساءلت صحيفة "هاآرتس" الاسرائيلية.. هل إذا ما كانت المخابرات الاسرائيلية بعد مرور 55 عاماً علي الفضيحة قد استخلصت بالفعل العبر والدروس من فشلها أمام عظمة المخابرات المصرية.
وقالت الصحيفة إن العبر التي استخلصتها المخابرات الاسرائيلية مؤخرا وردت في وثيقة تحليلية أعدها قسم التاريخ و التراث في المخابرات حول الانتقادات اللاذعة من قبل وحدات المخابرات. لأداء كبار المسئولين في قضية "لافون". والتي أدت في النهاية إلي إقالة رئيس الموساد في تلك الفترة بنيامين جيبلي و استقالة وزير الحرب الاسرائيلي آنذاك "بنحاس لافون".. وأوضحت الصحيفة أن العبر التي استخلصها الموساد من فشله في العملية تم نشرها في سبتمبر الماضي بين وحدات الموساد والتي اطلع عليها أغلب جنود وقادة الموساد.
أوضحت الوثيقة أن العملية برمتها كانت لتقويض ثقة الغرب في مصر وحكومتها عن طريق اتهامها بعدم السيطرة علي الأمن العام وانعدامه. بينما يختفي دور اسرائيل في تلك العمليات التخريبية. ولكن بالرغم من ذلك تم القبض علي منفذي العمليات. مما جعل أحد منفذيها يقدم علي الانتحار في السجن. وتم إعدام اثنين آخرين. وحصل أربعة منهم علي حكم بالسجن لفترات طويلة. ووفقا للوثيقة فإن رؤساء المخابرات تهربوا من مسئوليتهم عن فشل العملية.
نجاح مدو
وفي ذروة الصراع العربي الاسرائيلي وبعد عامين من نكسة 1967. أعلنت اسرائيل عن عزمها علي التنقيب عن البترول في سيناء. و قامت بالفعل باستئجار حفار أمريكي ليقوم بالتنقيب عن البترول في خليج السويس تحت سمع وأبصار المصريين وبدا واضحا للجميع أن الغرض من شراء هذا الحفار هو اقتصادي وسياسي في ذات الوقت. فإسرائيل كانت في حاجة بالفعل الي البترول في تلك الأيام. بالاضافة لذلك فهذا الحفار سيدعم خططها في محاولات اظهار مصر أمام العالم بمظهر العاجز عن حماية أرضه وموارده الطبيعية. والضغط علي مصر من ناحية أخري للتخلي عن دورها الريادي في مناصرة القضية الفلسطينية.
ووصلت المعلومات إلي المخابرات بوجود حفار بالفعل واسمه كينتنج 1 و أنه يعبر المحيط الأطلنطي في طريقه للساحل الغربي لأفريقيا ليتوقف في أحد موانيها للتزود بالوقود ثم اتخاذ طريقه الي الجنوب ليدور حول القارة الأفريقية ويتجه الي البحر الأحمر ثم إلي خليج السويس.
وكان القرار المصري بتدمير الحفار قبل وصوله إلي خليج السويس أيا كان الثمن وبأية وسيلة. وكان لابد من التحرك الفوري لمعرفة الميناء الذي سيتجه إليه الحفار للعثور عليه وتدميره.
وكانت المشكلة أن تدمير الحفار سيثير أزمات سياسية مع أكثر من دولة فالحفار قامت ببنائه شركة انجليزية. وتملكه شركة أمريكية. ومؤجر لاسرائيل. وتقوم بسحبه في مياه المحيط قاطرة هولندية والمفروض أن يتم تدميره في ميناء أفريقي!! أي أن اسرائيل خططت لكي يكون الحفار انجليزياً أمريكياً هولندياً!! ولكن كان القرار قد اتخذ بالفعل و كان لابد من تدمير الحفار أيا كان الثمن.
وعملية تدمير الحفار كانت من أروع و أعظم العمليات التي تمت من خلال سيمفونية رائعة الجمال تم عزفها بتناغم وانسجام جميل بين كل من المخابرات العامة و المخابرات الحربية و القوات البحرية ووزارة الخارجية. عملية متكاملة أدي فيها كل شخص دوره علي أكل وأروع ما يكون.
أبرز الاغتيالات في ال 60 عاماً الأخيرة
- اغتيال حسن البنا مؤسس حركة الاخوان المسلمين في 12 فبراير .1949
- اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات في 6 أكتوبر عام .1988
- اغتيال مارتن لوثر كنج المطالب بانهاء التمييز العنصري في 4 ابريل 1968 في نيويورك.
- اغتيال فرج فودة المفكر المصري والناشط في مجال حقوق الانسان علي يد أفراد من الجماعة الاسلامية في 8 يونيو .1992
- اغتيال الكاتب المسرحي الجزائري عبدالقادر علولة في شهر مارس 1994 علي يد أفراد من الجبهة الاسلامية للجهاد المسلح أثناء الحرب الأهلية الجزائرية.
- اغتيال الشيخ أحمد ياسين من قبل الجيش الاسرائيلي بعد مغادرته مسجد المجمع الاسلامي بعد صلاة الفجر في يوم 22 مارس 2004 بعملية أشرف عليها رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق