الاثنين، 23 يونيو 2014

كهف شوفيه





تعود الرسوم واللوحات والغرافور الموجودة في كهف شوفيه في جنوب شرق فرنسا إلى ما لا يقل عن 21 ألف سنة، وثبت أنها أقدم الرسوم المعروفة حتى الآن في العالم على هذه الدرجة من الدقة والتطور على ما أظهرت دراسة فرنسية نشرت في الولايات المتحدة.
واكتشف هذا الكهف في كانون الأول 1994، ويقع في منطقة أرديش، ويحوي 420 عملاً فنياً من فترة ما قبل التاريخ، من بينها حوالى 90% من الرسوم المنفذة بالفحم الخشبي، تمثل حيوانات، ومن بينها فهود ودببة ووحيد القرن.
وأظهرت عمليات تأريخ عدة بالكربون المشع أن الرسوم تعود على الأرجح إلى فترة تراوح بين 30 و32 ألف عام، أي العصر الأوريناسي (34 ألف إلى 29 ألف سنة).

إلا أن علماء آثار طعنوا بعمر هذه الرسوم واللوحات، واعتبروا أنها عائدة إلى ثقافة المغدالينيين الأقرب إلينا (17 ألف سنة إلى 12 ألف سنة) التي تتزامن مع فترة الفنانين الذين زينوا كهف لاسو.
هؤلاء الخبراء، ومن بينهم عالما الآثار الألماني كريتسيان زوكر والبريطاني بول بوتيت، يشددان خصوصاً على أوجه الشبهة في الدقة وتقنيات الرسم في شوفيه، وتلك التي كان يستخدمها المغدالينيون.
إلا أن بنجامين سادييه من جامعة سافوا، والمركز الوطني للبحث العلمي يعتبر أن الدراسة التي نشرت في الولايات المتحدة، وهو المشرف الرئيسي عليها، تبت نهائياً بهذا النقاش.
فتحليلات تضاريس الأرض عند المدخل الوحيد للموقع والتأريخ بالكلور 36، تظهر أن الجرف الصخري القائم فوق مدخل كهف شوفيه انهار مرات عدة وكانت المرة الأولى قبل 29 ألف سنة، والمرة الأخيرة قبل 21 ألف سنة، مما حال على الأرجح دون وجود أي منفذ إلى داخل الكهف.
يضاف إلى ذلك أن عمليات التأريخ السابقة والمتعددة بالكربون المشع للرسوم وأجزاء الفحم الخشبي، وبقايا عظام الحيوانات التي كانت موجودة في الداخل، حددتها قبل 30 إلى 32 ألف عام.
وسمح تحليل تضاريس الأرض بتفسير الفروقات في التضاريس، وأصل تكوينها، فيما يعطي التأريخ بالكلور 36 تقديراً للمدة التي مرت منذ تعرض الصخر للهواء للمرة الأولى على ما يوضح الباحثون التي نشرت دراستهم في مجلة الأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم (بناس).
وشدد بنجامان سادييه في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة فرانس برس على أن "هذه النتائج تثبت بالنسبة لنا أن الكهف كان مغلقاً منذ 21500 سنة، مما يستبعد فرضية أن تكون الرسوم واللوحات فيه أقرب زمنياً، وتؤكد كذلك عمليات التأريخ التي كانت معروفة بفضل الكربون المشع".
ويضيف "قبل ذلك كنا شبه متأكدين، أما الآن فنحن على ثقة تامة"، مشيراً إلى أن كهف شوفيه "سيلقي ضوءاً جديداً على تطور القدرات الإدراكية التي أدت إلى ابتكار فن العصر الحجري القديم".
ويوضح الباحث أن هذه الأعمال "تشكل مجموعة من الأدلة تسمح بتأريخ الكهف بوسائل جيولوجية، وليس أثرية".
ويتابع قائلاً "علماء الآثار يستندون عادة إلى الأسلوب لتأريخ رسوم ما قبل التاريخ، إلا أنه أحياناً لا نكون متأكدين من العمر فعلاً".
وقال إن الصباغ المستخدم في الألوان هو صباغ معدني، ولا يحوي على الكربون، ولا يمكن تالياً تأريخه بالكربون المشع.
ويشدد بنجامين سادييه "أعمالنا تظهر أن طريقة التأريخ من خلال الأسلوب والتقنيات الفنية المستخدمة منذ قرن من الزمن لم تعد مناسبة، مع أنها لاتزال تدرس في الجامعات".
ويختم قائلاً "هدفنا هو المساهمة في طي صفحة مدرسة ما، لاعتماد طرق أكثر صرامة في تأريخ" فن ما قبل التاريخ.

هناك تعليقان (2):