احترام القانون ودولة المؤسسات مسألة مركزية لتأسيس العدالة، لكن التأكيد على ذلك لا يجب أن يُهدر دور المجتمع المحلي ومجالسه العرفية. الدولة الحديثة كسرت الشبكات الاجتماعية وهيكل السلطة والضبط...

احترام القانون ودولة المؤسسات مسألة مركزية لتأسيس العدالة، لكن التأكيد على ذلك لا يجب أن يُهدر دور المجتمع المحلي ومجالسه العرفية. الدولة الحديثة كسرت الشبكات الاجتماعية وهيكل السلطة والضبط الاجتماعي ليس لصالح الفرد وحريته بل لصالح قوتها وهيمنها الكاملة، والمجتمع حائط صَد رئيسي ضد الاستبداد. سيتكرر لفترة طويلة توتر بين العُرفي في تحكيم المنازعات من ناحية و القانوني المؤسسي والوطني الأعم، لا نريد أ…ن تتفتت مصر وتتشظى لمجتمعات محلية صغيرة تقول نحن أدرى بأنفسنا، ولا نريد أيضاً أن يتم القضاء على التضامن الاجتماعي وصيغه العرفية لصالح الدولة المركزية. التحدي هو الجمع بينهما بحكمة وفتح قنوات بينهما تحفظ الكرامة والعدالة والمواطنة. الأمر ليس سهلا وفشلت فيه مجتمعات كثيرة وينقسم الناس فيه انقسامات بالغة، لكنه يستحق الاجتهاد والسعي والموازنة وحوارات واسعة على كافة الأصعدة لبناء دولة جديدة تلتزم بالحياد المؤسسي تجاه كل المواطنين لكنها تدرك تعقد البنية الاجتماعية والثقافية والمحلية بين بدو وحضر وريف ومدن وصحاري. اللهم جنبنا الفتن وأعنا على “القسط” و”الشهادة” و”القوامة” ..والوفاء بالـ”أمانة
 
 
*******************************
 
 
من المهم في المرحلة القادمة إحترام التخصص فهذا فعلا سبيل النهضة لأمتنا في العصر الحالي، دون إسقاط التقاطعات وحسابها جيدا: الجيش يشتغل جيش، والبرلمان يشتغل برلمان، والمسجد يشتغل بجد مسجد ودار علم ومساحة شورى للمجتمع المحلي الصغير، والجامعة تبقى بجد جامعة، والحزب لا يتحول لدار إفتاء ، والأزهر لا يتحول لمركز دعم حكومي.
احترام الخبرة المتخصصة مهم، رسول الله كان يتنزل عليه الوحي ولجأ للخبراء في الحرب و……السلم، وأستغرب أحيانا من عدم احترام تخصص العلوم السياسية والاجتماعية من قمم العلم الشرعي فهذا عجيب، والأعجب منه في المقابل الخفة في التعامل مع شأن الفقه وأحكام الدين، ولكن: طالما الدولة العميقة متروكة ولا نرى إلا قمة جبل الثلج فسنظل نتحرك في مساحات محدودة ونرتطم ببعض وبالحوائط، ويشعر كل طرف بوجوب القيام بكل الأدوار جملة واحدة.وفي ذلك عنت وإصر.. لذا مهمة البرلمان الأولى:تأسيس الشرعية وإعادة بناء دولة..وممارسة الصلاحيات دون انتظار أو طلب.ولنتذكر أن الدولة الحديثة آلة يجب علينا شرعاً أن نسمي الله حين ندير موتورها ونقول “
“سبحان الذي سخر” ونوجه مسارها وحركتها وسرعتها بالشرع، لكن إصلاح الجهاز مهمة الميكانيكي الفني،وإلا ستقف. أما عن رؤيتنا للعالم فلنتذكر أن أمريكا ليست رب الكون،وإسرائيل أجبن بكثير مما يبدو في الظاهر ،ثرواتنا كثيرة وأهمها الإنسان، ومصر علمت منذ فجر التاريخ فلاسفة اليونان وقادت المنطقة قرونا سياسيا وثقافيا .
آن الأوان لأن تتقدم مصر
 
 
*******************************
 
 
العصيان المدني معناه الشعب يتحرك ليضغط مدنياً وسلمياً ضد قوة مسلحة،ومحافظاً على “التمدن”،فهو أداة ضغط مدنية ومتمدنة لا تخريبية ولا عنيفة تؤمن بأن الحق فوق القوة، والعصيان المدني مسألة اجتهادية تتعلق بموازنة المصالح، النقاش إذاً يكون حول ملائمته السياسية وجدواه في لحظة ما وقدرته على تحريك الوضع،وتكلفته، وو نقلش سياسي وليس اجتهاد في نص شرعي، والخلاف يسعنا ولا داعي لاتخاذ المنابر وسيلة لاصدار فتاوى ف…يُفتن الناس في دينهم.الصف في المسجد واحد والاختلاف هارجه من سنن الله وآياته.
وقد لا أرى أن إعلان عصيان مدني هو الأنسب وربما أجد الضغط أو التصعيد بأدوات أخرى أجدى،لكنني لا أفهم الحشد المقدس ضده.نحتاج نقاش سياسي وعرض بدائل.يبقى المحك في هذه وغيرها أن عقلية التنظيم والهياكل والتحكم تختلف عن عقلية التفعيل والتلقائية والمرونة واللامؤسسية. في مصر صراع بين عقليتين..وجيلين. تلك هي المشكلة، لا المؤسسية تنفي الفعل غير المؤسسي، ولا اللامؤسسية تعني العشوائية، والخلاف في تصورات المصالح خلاف في منهج التفكير ولغة التعبير وهي في مصر اليوم تتسم بتناقضات واستقطابات قاصمة.
إن التفكير في اللغة والمنهج ليس ترفاً..كل مشكلاتنا تتعلق بهما..
 
 
*******************************
 
 
خمسة مشكلات أساسية لاحظتها أمس في الميدان : 1- عدم التمييز بين النشطاء ..والبلطجية ..وعشرات الألوف من الجماهير التي شاركت في كل مظاهرة قادمة للميدان من خلفيات اجتماعية وأطياف ثقافية متنوعة، ، التعميم كان سائداً في توصيف المشهد نتيجة الغضب من الهتافات المعادية أو التصرفات الخرقاء واستخدام عنف ضد الإخوان منذ الثلاثاء ليلاً، وهذا مُضر لمن يريد رسم خرائط وفهم واقع الشارع المتغير والمتجدد. 2- تصنيف الإ…خوان مقابل الثوار ..والغريب أنه جاء من الطرفين: الثوار والإخوان،كان الأَولى بالإخوان أن يذكروا الناس أنهم ثوار أيضاً وأن الثورة والميدان لا يحتكرهما طرف، وأولى بالنشطاء التخلي عن مقولات النقاء والاصطفاء الثوري الذي يتعالى على خيار الإخوان السياسي (بغض النظر عنه) والأهم: خيار الشارع الإنتخابي .3- انصراف الإخوان فجرا واليوم هو 28 يناير، وكان من المفيد استمرارهم بدون منصة وبعدد أقل لاستقبال أسر الشهداء في الميدان لرفع مطالبهم لبرلمان يؤكد أنه وضع حق الشهداء والمصابين والقصاص على قائمة أولوياته. إن عودتهم للميدان يجب ألا تكون استثنائية- بغض النظر عن تقييم أسباب غياب حشودهم الكبيرة لشهور -فقد كان شبابهم طول الوقت طرفاً في الميدان في الأحداث وفي الأزمات. 4- المركزية الشديدة في تعامل إخوان المنصة مع ملاحظات ونصائح قدمتها أصوات عديدة من خلفيات متنوعة كان يمكن أن تجنبنا اشتباكات الأمس، بدا لي المسئول محترماً وطيباً لكنه ينفذ ولا يجتهد، وفي المرات القادمة مهم تكون مهمة المشاركة والحضور الحضور الإخواني لا مركزياً وسياسياً ( وليس تنظيمياً) ويُدار من كوادر أكثر قدرة على التواصل تُرابط 24 ساعة، ولها مكانتها. لا أحد كبير على الميدان..والشارع.5 -خلاف الاستفتاح بالقرآن- الذي يفعله الجميع -غير مقبول استخدام التلاوة المسجلة للقرآن في الميكروفونات لفترات طويلة لملء فراغ وقت، أو للتغطية على هتافات أو إساءات،أو لاسكات أصوات،وهو من الملاحظات التي ذهبت وأبلغتها للمنصة الخميس مساءا،ولم يُلتفت لها، وعندي أدلة شرعية كثيرة تعلمناها صغارا،كان يكفي تطوير شعارات مقابلة أو كلمات لشخصيات متمرسة أو حتى شباب. أؤكد تكرار هذا خطره عظيم. وكل المسوغات التي ساقها الأخوة تحتاج مراجعة. القرآن مصدر تشريع،وتلاوته عبادة وتدبر وعلم، ورفعه -تلاوة أو مصحفاً- في نزاعات الشارع عند خلاف ونزاع سياسي ذكرياته التاريخية مؤلمة في مسيرة الأمة ، فجنبونا هذا يرحمكم الله .. والله أعلم