الثلاثاء، 8 مايو 2012

الشيشان.........الحكاية من البداية




'لو قضوا عليه حقًا فذلك ضربة قاضية للإرهاب .'
هذا تصريح الرئيس الروسي بويتن عقب توارد الأنباء باستشهاد خطاب قائد المجاهدين العرب في الشيشان غدرا و في ثنايا هذا الكلام نلمح إدراكا جيدا لمكانة هذا القائد في الجهاد الشيشاني و لكن هل يعتبر موته حقا ضربة قاصمة للجهاد في الشيشان ؟
و لنبدأ القصة من أولها :
 


في عام 1989م خرج الجيش الروسي من أفغانستان يجر أذيال الهزيمة بعد أن تمرغت القوة العظمى في وحل أرض الأفغان ، وكانت هذه من المسامير التي دقت في نعش الاتحاد السوفييتي ، وعلى أثره بدأت جمهوريات الاتحاد السوفييتي في التفكك … وقوض الاتحاد السوفيتي ، وبقي الروس يحافظون على الاتحاد الروسي الذي من ضمنه شمال القوقاز الشيشان وداغستان وأنقوشيا وغيرها .
وكان جوهر دوداييف الشيشاني ضابطاً كبيراً في الجيش الروسي ، فعاد إلى بلاده حاكماً فيها ، وبدأ يطرح فكرة الاستقلال بالشيشان عن الاتحاد الروسي منذ 1992م ، والروس يلوحون باجتياح الشيشان ، فقام جوهر بتعبئة الشيشانيين خلال سنتين ، حيث أعلن الاستقلال عن روسيا في 1994م
و في مرسوم رئاسي تم اجـتـيـــاح الـجـيــش الروسي دولة الشيشان فجر يوم الأحد الموافق 8/7/1415 ودخلوها من ثلاثة محاور، وقـــاومـهـــم الشيشان ببسالة وأسروا 47 جندياً واستولوا على العديد من الدبابات وحاملات الـجـنـــود وحرقوا بعضها، وأسقطوا بعض الطائرات وقد اعترف الروس بذلك.
ولقد رفض البرلمان الروسي هذا التدخل ودعا النائب يوشينكوف الذي قاد المفاوضات في جروزني إلى تظاهرات شعبية وسـط موسكـو وحذر رئيس الوزراء الروسي السابق جـيـدار من حدوث أفغانستان أخرى في الشيشان داعياً يلتسن إلى التراجع عن استعمال القوة، وكانت ردود الفعل الغربية على هذا التدخل باردة وعلى استحياء بدعوى أن الأمر شأن داخلي أما العدوان وانتهاك حقوق الإنسان فلا قيمة لها مادام الأمر يخص المسلمين فقد قال وزير خارجية أمريكا: إنه يؤيد التدخل الروسي وهو شأن داخلي أما وزير الخارجية البريطاني فقد قال زيادة عن ذلك: إن وجود الشيشان مستقلةً فيه تهديد للأمن الأوربي، مع الأمل بتسوية سلمية سريعة! ولا يستبعد أن الروس قد أخذوا إشارة خضراء من الاجتماعات الأوربية الأخيرة بخصوص هذا الاجتياح.
وعندما وضـعـت روسيا قواتها في حالة تأهب في 14/12/1994، ثم بدأت القـتال بعد ذلك: كان مقرراً لهذه الحرب ألا تستغرق وقتاً طويلاً، حتى إن وزير الخارجية الروسي قد صرح بأن المهمة العـسـكـريـــة في الشيشان لن تستغرق أكثر من ساعات معدودة، ومما يدل على أن الروس كانوا جادين في إنهاء هذه الحرب بسرعة: أنهم حشدوا لغزو الشيشان 150 ألف مقاتل، بينما لم يحـشــــدوا لغزو أفغانستان إلا نصف هذا العدد، ولكن الذي حدث أن المعركة طالت وزادت أعباؤها مما أوقع يلتسين في ورطة، ووجد الروس أنفسهم غارقين في مستنقع حرب عصابات ومما زاد من ورطة الرئيس الروسي وعده بتخفـيـض عجز الميزانية الروسية بنسبة كبيرة لعام 1995، ولكن تلك الحرب عرقلت برامجه مــن أجــــل الوفاء بهذا الوعد، وأصبح حصوله على مساعدات آتية من الغرب محل شك، نظراً لأن صندوق النقد الدولي له حساسيات خاصة به فيما يتعلق بالأزمات الداخلية في الدول التي تتعامل معه.
ومما يدل على شدة اضطراب يلتسين من عدم انتهاء هذه الحرب بسرعة: أن قواته ظلت تقصف العاصمة الشيشانية بشراسة وجنون ـ غـيـر عابئة بالأصوات التي تنبعث من هنا وهناك منادية بوقف القتال ـ ووصلت به العجلة إلـى حد اعتبار الحرب منتهية بمجرد الاستيلاء على قصر الرئاسة الذي تسلمه الروس مدمراً تماماً وخالياً، ثم أعلن بوقاحة أن مهمة الجيش قد انتهت وأن الشرطة تتولى فرض النظام، ولكن ظهر بعد ذلك أن المقاتلين الشيشان لايزالون يقاومون الجيش الروسي في مناطق مختلفة من العاصمة جروزني.
وقــد أدى اسـتـمـــرار القـتــال، وبالتالي استمرار الانقسامات في المواقف داخل الحكومة والجيش الروسي إلـى الـمـزيد من الإرباك لـ يلتسين.
وبعد عشرين شهراً من القتال واستنـزاف القوات الروسية داخل الشيشان ، وبخاصة عملية غروزني بقيادة شامل التي حوصر فيها أكثر من سبعة آلاف جندي روسي : اضطر الروس للخروج من أرض الشيشان أذلاء صاغرين تحت مظلة مصالحة من أهم بنودها : أن يرجأ موضوع استقلال الشيشان خمس سنوات من عام 1996م ، وأن تخرج القوات الروسية من أرض الشيشان ، وألا تتدخل في شؤونها الداخلية.
الغزو الروسي الثاني :
في رمضان عام 1418هـ بدأ المجاهدون بزعامة خطاب و باسييف بعملية كبيرة على أكبر قاعدة عسكرية روسية على مستوى القوقاز ، وتقع في داغستان ، فقاموا بتدميرها وكان ذلك الأمر الذي أدى بالحكومة الداغستانية إلى ضرب العمل الدعوي داخل داغستان واعتقال قياداته العلمية ؛ مما جعل بعضهم يفر بدعوته إلى خارج البلاد .استنجد المجاهدون بإخوانهم فجاء مدد وتفرقت الشرطة الداغستانية واستنجدت بالروس الذين جاءوا بأعداد كبيرة إلىالقرية وحاصروها ، وبدءوا الضرب عليها بالطائرات والمدافع فاستنجد المجاهدون بإخوانهم في الشيشان الذين دخلوا من محافظة بوتليخ وفاجاءوا الروس واستولوا على ثلاث قرى ومطار عسكري . وتسارعت الأحداث وتدفقت القوات الروسية ، واستخدموا جميع الأسلحة الثقيلة والخفيفة في مواجهة المجاهدين .
و منذ ذلك التاريخ تدور المعارك و حرب العصابات بين المجاهدين و الروس و قد قام المجاهدون بعمليات ناجحة على مدار السنوات القليلة الماضية تمكنوا فيها من إرهاق الدولة الروسية عسكريا و سياسيا و استنزافها اقتصاديا و في المقابل فإن الجهاد لا يمضي سهلا هينا فمن سنته تعالى أنه لابد فيه من تضحيات و بأساء و ضراء و زلزال حتى يدخل المجاهدون الجنة .
و قد ابتلى الله المؤمنون مؤخرا باستشهاد القائد العسكري للمجاهدين خطاب في عملية غادرة .
و يبقى السؤال الأهم و ماذا بعد و ما هو مستقبل الجهاد في الشيشان بعد خطاب؟ .
و للإجابة على هذا السؤال لابد من اتباع منهج تحليلي يراعي الأمور الآتية :
1. عناصر القوة في الجهاد الشيشاني .
2. ما يمثله خطاب في المنظومة السابقة .
و على ضوء هذين العنصرين نستطيع أن نستكشف حجم الخسارة في الجهاد الشيشاني .
أولا / عناصر القوة في الجهاد الشيشاني :
لتقويم المجاهدين في الشيشان يجب علينا دراسة خمسة أمور :
القيادة - التنظيم - البيئة – التخطيط– الفكرة .
و لكن يهمنا هنا العنصر الذي هو لب الدراسة والذي يمثله خطاب و هو القيادة :
تعددت التعريفات العلمية للقيادة: فهناك من يهتم في تعريف القيادة بوسيلة التأثير في الجماعة أكثر من اهتمامه بوسيلة استخدام السلطة, فيقول عنها: 'هي فن استمالة الأفراد للتعاون في تحقيق هدف مشترك'. وهناك من ينظر إلى القيادة من وجهة نظر التابعين, فيعرف القائد بأنه: 'القادر على التأثير التوجيهي في سلوك المرؤوسين فيتبعونه راضين مقتنعين بأنه القادر على تحقيق أهدافهم وإشباع رغباتهم', ومنهم من يبرز الدور الأخلاقي كأحد أبرز الواجبات القيادية فهي: 'تحفيز ومساعدة الناس ليكونوا أفضل مما قد يكونوا بدونها وهذا يعني إرشادهم نحو تحقيق قيم ومثل موضوعة من قبل مصادر عليا'.
والقيادة دعامة أساسية من دعائم الدين يقول ابن تيمية عنها: 'يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين إلا بها, فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض ولابد عند الاجتماع من رأس'.
ولكي ننجح في تقييم قيادة جماعة لابد لنا من معرفة عناصر القيادة وتحليل كل مكون من مكوناتها لإيجاد المحك وإطار التقييم.
وعناصر القيادة كما وضح من خلال التعريفات التي ذكرناها سابقا هي: صفات القائد -فن التأثير في المرءوسين – وجود السلطة – الهدف المشترك.
1- خصائص القادة وصفاتهم :
يمكن إجمال صفات القادة داخل أربع مجموعات من الصفات: الصفات الإيمانية- الصفات الفكرية – الصفات الذاتية- الصفات المهنية.
الصفات الإيمانية: ونعني بها الفعل السلوكي المؤمن؛ بدءًا من إخلاص النية, وانتهاءً بتحقيق الغاية, وهي إرضاء الله تعالى, مرورًا بالتحلي بصفات التواضع والرحمة والصدق والأمانة وغيرها, وانتهاء بالحرص على إتيان النوافل والمواظبة عليها من قيام ليل وصيام وذكر وتفكر.
الصفات الفكرية: وهي تشمل القدرة على التصور والتخيل وعمل المقارنات وفهم المشكلات وحلها وتتضمن القدرة على رؤية لب الموضوع وعلى تقييم المواقف بسرعة وحاسة الحكم على الأشياء, وقبل كل ذلك القدرة العلمية الشرعية.
الصفات الذاتية: ومنها الشخصية القوية المؤثرة والثقة بالنفس واللباقة والمرونة والمرح الذي يلطف التعامل بين الأفراد والقدوة في كل شئ.
الصفات المهنية: ويقصد بها المهارة الفنية والفهم الجيد لطرائق العمل الحديثة، فكلما كان القائد ذو ثقافات وخبرات واسعة تمكن من رؤية أي مشكلة بعمومها وجزئياتها،
2- فن التأثير في المرؤوسين:
هل إنجاز العمل هو الأولى من القيادة أو إيجاد الرابطة الطيبة مع التابعين هي المقدمة؟
نتيجة لاختلاف الناس في الإجابة على هذا السؤال اختلفت الأساليب القيادية إلى ثلاث أساليب لا يخرج عنها أي قائد: الأسلوب المتسلط أو الديكتاتوري – الأسلوب المتساهل الذي يسمح بالمشاركة وإبداء الرأي – الوسطية أو التغير حسب الظروف والموقف .
فالقائد المتسلط غايته الأساسية هي تحقيق المهمة والإنجاز، ويركز السلطة في يديه، ويمتنع عن تفويضها إلى غيره, فالقرارات تعطى للمرؤوسين مع إعطائهم قدرا ضئيلا من البيانات الضرورية ويؤدي هذا إلى شعور المرؤوسين بنقص معلوماتهم عن العمل وضعف قدرتهم على تحقيق أهدافه؛ لأن القائد هو الذي ينفرد بوضع الخطة وفرض خطوات العمل وتحديد الأهداف، والمبرر الذي يسوقه هذا النوع من القيادة أن طبيعة الإنسان التي تتمثل في كونه كسولاً بطبعه وأنه سيتهرب من العمل المكلف به فلابد من أسلوب السيطرة للتغلب على هذه الطبيعة عن طريق إرغام العاملين على العمل ومراقبتهم وعقابهم عند التقصير في تحقيق الأهداف المطلوبة.
وعلى النقيض منه هناك الذي يحافظ على علاقته بالآخرين على حساب إنجاز الهدف المطلوب وهناك أيضا الذي لا يهتم بهذا أو ذاك أما المتوازن فهو الذي يوازن بين علاقته بمرؤوسيه وبين تحقيق المهام الموكلة له بشكل لا يطغي أحدهما على الآخر.
ولكن ما هي العوامل التي تدفع القائد إلى أخذ هذا الأسلوب وترك الآخر؟ بل نجد أن القائد يميل إلى سلوك متسلط في موقف ونفس القائد في موقف آخر يميل إلى المشاورة والتفاعل مع التابعين؟
يوجد ثلاثة أنواع من القوى هي التي تتحكم في اختيار القائد لأسلوب معين :
أ - القوة الكامنة في القائد نفسه :
هناك عدد من صفات القوة في شخصية القائد والتي تؤثر عليه منها:
عقيدة القائد: ما هو تأثير عقيدته على سلوكه العام هل سلوكه فيه وصولية وانتهازية وابتزاز لتحقيق مآرب شخصية أم أن إيمانه متوغل في أعماقه وينعكس على تصرفاته وأحواله .
ثقته في المرؤوسين : ثقة القائد نحو جماعته تؤدي إلى تولد رغبة لدى القائد في أن يسمح للآخرين في الاشتراك في وضع الحلول للمشاكل العالقة وفي الأخذ برأيهم ومصارحتهم والانفتاح عليهم بطريقة أكثر حرية.
الأهواء والنزعات الهوائية عند القائد: هناك طباع تنصبغ على السلوك القيادي نابعة من الميول والرغبات والنز عات الشخصية والتي تجعل للقادة سمة معينة تختلف من قائد إلى قائد.
ب- القوة الكامنة في المرؤوسين:
بمعنى كيف يستطيع القائد أن يجعل من الخاضعين فعالين؟ دون إكراه؟
إذا أبدى الخاضعون حاجة كبيرة إلى الاستقلال – إذا كان لديهم الاستعداد لتحمل المسئولية وصنع القرار إذا كان لديهم تحمل أكبر من غموض – إذا شعروا بأن المشكلة مهمة – إذا عرفوا أهداف المؤسسة أو التنظيم – إذا كان لديهم المعلومات الضرورية والخبرة للتعامل مع المشكلة.
جـ- القوة الكامنة في الموقف:
القائد هو موقف وقرار والقرار المناسب يجب أن يتفق مع الموقف والموقف قد يكون: نوع التنظيم الذي يقوم بالعمل وحجمه وتوزيعه الجغرافي – فاعلية أعضاء الجماعة في العمل كفريق – المشكلة نفسها فهل هي معقدة أم سهلة وهل قيلت كل أفكار الناس الذين لديهم المعلومات الضرورية لحل المشكلة – ضغوط الوقت فكلما كانت الحاجة أكبر للقرار الفوري كانت مشاركة أفراد الجماعة أقل.
3-الهدف المشترك: لا يتصور وجود جماعة بدون هدف تسعى لتحقيقه وإلا انعدم وجودها أصلا ولابد للقائد أن يكون أكثر أفراد الجماعة قدرة على حفزها لتحقيق هذا الهدف.
و بتطبيق هذه الصفات على خطاب نجد أنه قد تحققت في شخصه كثير من الصفات القيادية السابقة فضلا عن عدة أمور : هو حرصه على تعميق أدب الخلاف فلم نسمع قط خلافا وقع بينه و بين باسييف برغم اختلاف العرق بينهما و لكن كان خطاب ذكيا في استمالة هذا القائد و جعل الجهاد و الفريق الذي يمثله في انسجام ممتاز بين القيادات و الأتباع ، كذلك علاقته مع رئيس الشيشان مسخادوف و كثيرا ما راهنت روسيا و من معها من وسائل إعلام غربية على تفجر الخلافات بين خطاب و باسييف من ناحية وبين فريق مسخادوف من ناحية أخرى و عندما سئل خطاب في موقع اسلام أون لاين عن أجواء العلاقة بين المجاهدين والرئيس الشيشاني مسخادوف، وماذا عما يتردد عن وجود خلافات بينهم؟
فأجاب خطاب قائلا : مسخادوف هو رئيس جمهورية الشيشان، وجميع المجاهدين يقاتلون تحت قيادة واحدة هي قيادة مسخادوف، وأحب أن أقول: إنه لا يخلو قوم من خلاف فهذه طبيعة البشر إلا أن أي خلاف قد نُحِي جانبًا، وما يشغل الجميع هو مواجهة الجيش الروسي المتهالك.
و عند استعراض شخصيات و قدرات القادة الآخرون في الجهاد الشيشاني نجد أن هذا النموذج الذي يمثله خطاب لا يتكرر و إعلاميا لا يوجد كثير من العرب المجاهدين في الشيشان من لديه استعداد ليبرز كخلف لخطاب و هذه على العموم مما ينبغي أن يوجه نظر الحركات الإسلامية إلى أهمية إعداد كوادر جديدة تتولى الراية من بعد قادتها لا مجرد أن تعتمد على أشخاص رزقهم الله مواهب قيادية عالية و على استعداد لبذل الرخيص و الغالي في سبيل قضيتهم .
إذن هناك فراغ قيادي ربما يخلفه خطاب و هذا الفراغ ربما لن يستطيع أحد أن يملأه في المستقبل المنظور إلا إذا أراد الله شيئا آخر .
هناك قضية أخرى على جانب كبير من الأهمية سوف تبرز كأثر لغياب خطاب هي قضية التنسيق بين المجاهدين العرب و الشيشان فيبدو أن خطابا كان يقوم بدور فاعل في عملية التنسيق بين المجاهدين بمختلف فصائلهم و انتماءاتهم العرقية و حتى الفكرية منها فلم يعرف عنه قبل الالتحاق بركب الجهاد أو أثناءه أي انتماء فكري لجماعة معينة أو حزب بل كان انتماؤه الأصلي للإسلام الجهادي بكل ما يمثله من معاني بعيدا عن أي إطار حزبي أو غيره .
و تبرز أيضا قضية ثالثة ذات تأثير كبير على مستقبل الجهاد الشيشاني و هي مسألة تمويل الجهاد الشيشاني فكثير من المتبرعين بأموالهم في سبيل هذه القضية كانت تقدم للجهاد ثقة في خطاب و ما يقوم به و ثقة في يدينه و أماناته و بعد رحيله فالخلف لا يمكن معرفتهم جيدا إلا بعد فترة و اشتداد الوطيس و لا شك أن تدفق المساعدات المالية والعينية للمجاهدين سيتأثر .
هذه أشياء قد تؤثر بصورة أو أخرى على وضع الجهاد الشيشاني و لكن سنن الله في الدعوات تعلمنا أن دماء الشهداء دائما ما يصنع منها حبال و أطواق للنجاة فمن كان يظن أن بعد إعدام سيد قطب أن تنتشر دعوته و يتلهف الشباب على كتبه و تشهد فترة السبعينات من القرن الماضي إقبالا كبيرا و رغبة في تتبع آراء ذلك المفكر الكبير و غيرهم من الأمثلة الكثير .
فمن غياهب الظلمة يشع النور، و من رحم اليأس و القنوط يولد الأمل .
و أشياء كثيرة تتغير و الظلام لا يظل ظلاما فلابد أن ينساح النور ليغمر وجه الحياة .
و لكن عندما يكون هناك من يقف أمام الطوفان ……
من يرفض تجبر الباطل و يعلنها على الملأ……
من يحيي سنة مؤمن آل فرعون و يهتف قائلا : فستذكرون ما أقول لكم و أفوض أمري إلى الله ، إن الله بصير بالعباد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق